وأما السفينة.. وأما الجدار.. وأما الغلام

الرئيسية المقالات مقالات دينية

وأما السفينة.. وأما الجدار.. وأما الغلام

وأما السفينة.. وأما الجدار.. وأما الغلام

الله تعالى هو المدبر، وهو المصرف، وهو المتصرف، أقتلت نفسًا زكية بغير نفس؟ هل يجوز لك من نفسك هكذا أن تمسك بالسكين، وأن تذبح هذا الغلام؟ هذا في ظاهر علم سيدنا موسى عليه السلام شر، لكنه في علم الله تعالى خير {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} (الكهف:79 أما السفينة التي خرقتها فإنها كانت لأناسٍ مساكين يعملون في البحر عليها سعيًا وراء الرزق، فأردت أن أعيبها بذلك الخرق، لأن أمامهم ملكًا يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا من أصحابها.

 مساكين يا رب وعندهم سفينة! نعم عندهم سفينة، لكن دخلهم ضعيف، لكن دخلهم لا يكفي، عندهم أولاد فيهم واحد أعمى، سبعة، كل واحد فيهم عنده عاهة، ورغم هذا أصحاب ملك، كرجل عنده فدان أرض، وتجوز عليه الزكاة، لأنه مديون، أو عنده أمراض كذا وكذا، صاحب ملك، ورغم هذا تجوز له الزكاة، موظف تجوز له الزكاة.. هذا كلام ربنا سبحانه وتعالى:
إنما الصدقات لمن؟ للفقراء والمساكين.

 فأردت أن أعيبها، وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبًا، تفسير للغيب الذي لا نعرفه، سيدنا موسى عليه السلام يرى أن خرق السفينة شر، كيف تخرق سفينة تسير في البحر يرزقون بها؟ تخرقها لماذا؟ هذا إفساد في الأرض، الذي لا يعرفه سيدنا موسى عليه السلام أن هناك ملكًا ظالمـًا كلما مرت عليه سفينة صالحة فإنه يأخذها، فلما خرقها سيدنا الخضر عليه السلام سدوها بخشبة ولما وصلت إلى الملك صعد الحراس إليها فنظروا فيها فوجودها معيوبة، فقالوا لهم: مروا فلن نأخذها، سيدنا موسى عليه السلام رأى الأمر شرًّا لكنه في علم الله تعالى خير، هذا معنى الإيمان بالقدر، والتصديق بقضاء الله جل في علاه.

غضب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، سيدنا عمر رضي الله عنه اعترض اعتراضًا شديدًا، والإمام علي اعترض اعتراضًا شديدًا، عندما مُنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطواف حول البيت، يمنع الرسول صلى الله عليه وسلم من الطواف حول البيت، ويعود إلى المدينة دون أن يطوف! الصحابة قالوا: هذه مصيبة، هذه نهاية الإسلام، الإسلام انتهى، الصحابة رضوان الله عليهم رأوا أن الأمر شر، رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس ملابس الإحرام ولا يتمكن من الطواف، ولا من دخول مكة، ومكة بلده، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم له تصديق آخر، وله فكر آخر، وله يقين آخر.. الصحابة رضوان الله عليهم نظروا إلى اليوم، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى المستقبل، اليوم يبدو الإسلام في حالة ذلة، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أن الإسلام في حالة نصرة، وفي حالة عزة، رسول الله صلى الله عليه وسلم يحال بينه وبين مكة، وبين دخول مكة، ورغم هذا ينزل قوله تعالى {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} (الفتح:1).

 إنا فتحنا لك أيها الرسول فتحًا مبينًا، يظهر الله فيه دينك، وينصرك على عدوك، وهو هدنة "الحديبية" التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضًا، فاتسعت دائرة الدعوة لدين الله، وتمكن من يريد الوقوف على حقيقة الإسلام من معرفته، فدخل الناس في تلك المدة في دين الله أفواجًا، ولذلك سماه الله فتحًا مبينًا، أي ظاهرًا جليًّا.

 فتحنا لك، وأنت يحال بينك وبين الكعبة، فتحنا لك الآن بصبرك، وفتحنا لك بما سيأتي بعد هذا، وماذا سيأتي بعد هذا، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ «1» وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا «2» فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا «3»} (النصرإذا تم لك أيها الرسول النصر على كفار قريش، وتم لك فتح مكة، ورأيت كثيرًا من الناس يدخلون في الإسلام جماعات جماعات، إذا وقع ذلك فتهيأ للقاء ربك بالإكثار من التسبيح بحمده، والإكثار من استغفاره، إنه كان توابًا للمسبحين والمستغفرين، يتوب عليهم ويرحمهم ويقبل توبتهم.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض