فيضان الدموع
في سورة التوبة
هيا بنا إلى
سورة أخرى نأخذ منها مشهدًا لفيضان الدموع وهي سورة التوبة، تخلى الناس عن سيدنا
صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ما بين صادق وغير صادق، أما الصادقون فهم
البكّائون، وأما الكاذبون فهم الذين لا في العير ولا في النفير، وهم المنافقون،
نأخذ هذا المشهد للفقراء من الصحابة الذين أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
يريدون أن يركبوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأن يهاجروا معه، وأن يجاهدوا مع
النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يشاركوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقبلهم
النبي صلى الله عليه وسلم لعدم وجود الراحلة التي تقلهم، ولكن الله تعالى التمس
العذر لهم قال تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا
عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ
وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ
مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ
حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92)} [التوبة: 91 – 92]، تولوا وأعينهم
تفيض من الدمع حزنا، هم حزينون ومتحسرون لأنهم لم يكونوا في رفقة النبي صلى الله
عليه وسلم، عيونهم لم تبكِ بل فاضت بالدموع؛ لأن الإيمان ملأهم، هذا مشهد
للصادقين.
