دحض شبهة الملاحدة القائلة بعنف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:

الرئيسية المقالات مقالات دينية

دحض شبهة الملاحدة القائلة بعنف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:

دحض شبهة الملاحدة القائلة بعنف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:

وكَمَا هي طبيعةُ الملاحدة؛ إذ نجدهم يثيرون قضايا متعددة في آنٍ؛ من أجل إثارة البلبلة وتشتيت العقول، فنجدهم يثيرون قضية أخرى، وهي ذلك الادعاء الكاذب بأن سيدنا محمد - صلوات ربي وسلامه عليه – إنسانٌ بغيضٌ عنيفٌ، عَلَّم الناس القتل والشدة والعُنف، والرد على ذلك الادعاء الكاذب من الملاحدة سهل وميسور جدا، إن شاء الله تعالى.
كان النبي صلى الله عليه وسلم عنوانًا للتسامحِ؛ فهو الرحمةُ المهداة من رَبِّ العالمين إلى الخلق أجمعين، وأولئك الملاحدة لا يعرفون عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أي شيء؛ فالنبي أطهر وأنظف من أَنْ يحيط به أولئك الملاحدة الملاعين؛ إذ كان أكثر الناس تسامحًا، وما يُشيعه الملاحدة من اتهاماتٍ وإشاعاتٍ من أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بضربِ أعناقِ المرتدين عن الإسلام، فهو أمر غير صحيح على الإطلاق؛ فالمرتد عن الإسلام يُستتاب أيامًا ثلاثة، فإذا لم يتب يُخَيَّر ولا يُقْتَل لأول مرة، ويجب أن تعلموا – أصدقائي الملاحدة - أنَّ المرتدَّ هو الذي بدَّلَ دينه، وهو الذي خَلَعَ عباءة عِرْضِهِ، وهو الذي أعطاه الله تعالى نُورًا إلا أنه لم يحفظ هذا النور.
أصدقائي، معشر السادة الملاحدة الكرام، يجب أن تعلموا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد علَّمَ أُمَّةَ الإسلامِ التسامح، وزَرَعَ فينا الأمَلُ، وهناك أمثلة كثيرة تؤكد هذا الأمر: (فها هو عبد الله بن أبي سلول، وكان من كبار المنافقين وله قصة مشهورة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهي: أنه حين جاءت وفاة عبد الله بن أبي سلول، أرسل ابنه لسيدنا محمد؛ لكي يأخذ قميص سيدنا رسول الله؛ كي يُكَفَّنَ فيه، رغم أنه كان من أشدِّ الناسِ عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم وكان أكبر مَنْ اتهم السيدة عائشة في شرفها وفي عِرْضِها؟
ورغم هذا كله - أصدقائي الملاحدة - فقد خَلَعَ النبي قميصه صلى الله عليه وسلم وأعطاه لهذا المنافق الذي وَصَفَ رسولَ اللهِ تعالى بالأزلّ، وَوَصَفَ رسولَ الله تعالى – معذرة حبيب الله – بأنَّ الحِمارَ أفضل من رسولِ الله ورغم هذا كله – ساعة موته – فإِنَّ النبي لا يبرح المكان حتى يخلع قميصه، ويعطيه إياه كي يُكفَّن فيه هذا المنافق العليم في النِّفاق.
ويجب أن تعلموا أصدقائي الملاحدة أنَّ قولكم: (رمضان كريه)؛ فهو بسبب أنَّ نفوسكم لا ترى في رمضان إلا ما تعتقدون أنه عذاب، فالإنسان يجوع لكي يصح؛ لأن البدن يحتاج إلى فترة صيامٍ تساعده بعد ذلك على أن يستمر في الحياة وأن تدوم معه الحياة.
أحبائي الكرام، إنَّ الملاحدةَ تعتقد أنَّ شهرَ رمضان يأتي بالشدِّة؛ وذلك لأنَّ هناك الكثير من الأشخاص تجدهم في رمضان يتسلَّف بعضهم من بعض، وكل منهم يحاول أن يشتري سلع رمضان حتى وإن لم يقدر على شراءها وبذلك يكون رمضان سببا في وقوع الناس في شدة كبيرة، وأزمات مالية كبيرة، ويجب أن تعلموا يا أصدقائي من الملاحدة في كل مكان، وكل زمان أنَّ الإسلام لم يأمر بهذا؛ فلم يأمر الإسلام بأنْ يجلبَ لنفسهِ أنواع المتاعات، وكل المتع في الحياة الدنيا حتى ولو اكتوي بنار السَّلف والتَّلف، وهذا ليس من شريعةِ الإسلام، ولمرة أخرى أوضح لكم أيها السادة من الملاحدة: أنَّ أخطاء العباد لا يتحملها خالق العباد، وأعمال العباد ليست حُجَّةً عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ فأولئك الأشخاص الذين يقومون باحتكارِ السِّلع، ثم يقومون بزيادةِ أسعارها أضعافًا مُضاعفة، فهذا ليس من الإسلام في شيء.
أمَّا عن قَولِ بعضِ الملاحدة من أنَّ شَهرَ رمضان يأتي بالشدة؛ لأنه يأتي بالحرِّ الشديد، فإنَّ هذا الكلام محض باطل؛ وذلك لأنَّ الأيام لها دورتها ولها دورانها، وفي بعض الأحيان، وأنت لا تعرف دائرة الزَّمان يأتي رمضان في شهر طوبة، وفي شهر أمشير، أمَّا عن إثارةِ الملاحدةِ لمثل هذه النقطة، فهذا دليلٌ على ضَعفِهم العِلمي وعدمِ إلمامهم بِجُغرَافِية الكون.
ولي الآن أن أسأل أولئك الملاحدة سُؤالا مُهمًّا: مَنْ الذي وَضَعَ جُغرافية الكون؟ واسمحوا لي أحبتي الكرام أن أُجيب: إنَّ جغرافية الكون وفي تقلب الليلِ والنَّهار والإتيان برمضان بعد شعبان وشوال، بعد ذي القعدة وذي الحجة وهكذا، فمن الذي وضع جغرافية المكان؟
أحبائي الكرام، إن الملاحدة لا يجدون شيئا لكي يردون به على تلك الأسئلة التي تكشف ضعفهم من ناحية وتكشف حقدهم وكرههم، وغِلَّهم وبغضهم للإسلام من ناحية أخرى.  
أحبائي الكرام، إنَّ منهجَ الإلحاد يقوم على تبغيض الناس في الله، ويأتون بالأشياء التي يعتقدون أنها سيئة؛ كي يلثوا بها مسامع المسلمين وغير المسلمين، يقول تعالى: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ [الكهف:5].
أحبابي الكرام، يجب أن تعرفوا، وتتيقنوا من حبّ الله لكم، ولو لم يكن يحبكم لما ذُقتم حلاوة الإيمان وحلاوة الصيام؛ فأولئك الملاحدة لا يصومون رمضان، وبالتالي فإنهم لم يتذوقوا حلاوة الصيام عندما يؤذِّن المؤذن؟
أحبابي الكرام، إنَّ مَنْ لم يذق حلاوة العافية، فهو لا يعرف العافية، ومن لم يذق حلاوة الإيمان، فإنه لا يعرف بواعث الإيمان، ومن لم يذق طعم الصيام، فإنه لا يعرف له معنى ولا قيمةً؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
أحبابي الكرام، إن الذين يحقدون على رمضان ويجدون فيه عذابا أمثال أولئك الملاحدة الذين يقولون: إن رمضان شر، وهو من شر الشرور، ويقولون: إن رمضان يزداد كراهة عاما بعد عام مع ارتفاع الأسعار، وشدة الحرِّ وكثرة الأمراض.
أحبائي الكرام، سأتوجه إلى أولئك الملاحدة، وأقول لهم قولا جميلا دون استياء، وسأقول لهم قول الشاعر المتنبي:

ومن يك ذا فم مُرّ مريض

 

يجد مُرّا به الماءُ الزلالا

بمعنى أنَّ المريضَ يشرب الماء – سلمكم الله وأحبكم – فالماء جميل، ورغم هذا – سلمكم الله تعالى – يقول الإنسان هذا الماء مُرٌّ، فنسأله: ولماذا هو مُرٌّ؟ والإجابة بسيطةٌ: وهو أنه إنسان مريض؛ ولذا فإنه لا يستطيع التمييز، وهكذا -يا أحبتي الكرام- فالذي عنده مرض في قلبه، يقول تعالى:
﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾[البقرة:10]؛ فالذي في قلبه مرض لا يعرف المعاني الإيمانية في رمضان، والمعاني الإيمانية في رمضان لم يعشها أولئك الملاحدة، ولو عاشوها وعايشوها لآمنوا بها.
أحبابي الكرام، دعوني أحكي لكم قصة طريفة عن أحد الملاحدة الذي يحكي، ويقول: "عندما كنت مسلما أجبرتني أمي على أن أصوم ذات يوم، وكنت أخافها وأهابها، فقلت لها: سأصوم، وبالفعل امتنعت عن الطعام والشراب لفترة، ثم اشتد الجوع عليَّ فدخلت الحمام، وأغلقته على نفسي، وأدخلت معي ما تيسر من الطعام والشراب، وأكلت وشربت كما يحلو لي، وعندما أتى المغرب مثلت أن الصيام أرهقني"، ثم نجد الملحد بنفسه المريضة، يقول: "وعلى هذا فإنكم تفعلون أيها المسلمون".
أحبابي الكرام، لا يخفى عليكم كمية الحقد التي تُطل من أولئك الملاحدة الذين يضعون السُّمَّ في العسل؛ لأنَّ هذا بالضبط ما فعله الملحد، وهو يسرد لنا حكايته مع الصيام وهو صغير، ثم يُبيِّن أنه إنسان ضعيف لم يتحمَّل الصوم، ولهذا فإنه قد فعل ما فعل، ثم نجده يُعمِّم الحكم ليشمل جميع المسلمين ليصل في النهاية إلى حكم عامٍّ، وهو أَّنَّ المسلمين كلهم يفعلون مثله، ليصل إلى النتيجة التي يرجوها وهي أن كل واحدٍ من المسلمين وأبناء المسلمين حياتهم قائمة على التظاهر والنفاق.
أحبابي الكرام، إنَّ ما فعله الملحد ينمُّ عن ضعف في الشخصية وضعف في العقيدة، كما يَنُمّ عن جَهْلِهِ بالله عزَّ وجَلَّ، أمَّا الأمة الإسلامية فإنها أمة عريقة في الخيرات، تعرف قَدَرَ الله، وعظمةَ الله ومخافةَ الله، وعندهم وازع دينيٌ أنَّ أحدهم إذا دخل الحمام وأغلق على نفسه الباب فإِنَّ اللهَ يراه.
 فالمسألة هنا تتمثل في تفاوت اليقين؛ فاليقين بالله، وفي الله عند أولئك الملاحدة هو يقينٌ مَيْتٌ؛ فكلّ واحدٍ من أولئك الملاحدة مزروعٌ في قلبه الكفر بالله والكفر بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مزروع في قلب كل واحد منهم الكفر بالإيمان بالله والقضاء والقدر، والكفر بالآخرة! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أحبابي الكرام، إن عدم يقين أولئك الملاحدة في الآخرة، وعدم إيمانهم وتصديقهم للعقيدة تنشأ عنه حالة من الجهل بالله، يقول تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ﴾ [يونس:39]؛ وذلك لأنهم كانوا بعيدين عن الله، ولأنهم كفروا بأنعم الله، ولأنهم لا يعرفون عظمة الله، ولهذا فإنهم لا يحبوا أن يتعرفوا إلى جمال الكون، ومن ثم فإنه ليس من الغرابة بمكان أن تجد أولئك الملاحدة يشتطون بأفواههم، ويزعمون أن شهر رمضان شهر يمتلئ بالشر.
أحبابي الكرام، يجب عليكم أن تعلموا أنَّ الذي يضبط سلوكيات الإنسان في الحياة إنما هو الإيمان بالآخرة، يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإسراء:19].
أحبابي الكرام، إن ما يقوله الملاحدة عن كون رمضان سببا في الشدة وسببا في الأزمات، وسببا في الفُرقة بين الناس هو كلام غير صحيح على الإطلاق؛ فالكون – أحبابي الكرام - لا يَجْمُلُ إلا بالأعياد والمواسم، ولا يكون جميلاً إلا عندما تدور الأيام، وعندما تدور الأيام تأتي معها الذكريات الإيمانية الجميلة الجديدة، وهذا جمال التَّعرِّفِ على جُغرافية الكَونِ؛ فالإنسان – مثلا – يَتَرَقَّب طُلوعَ الفَجْرِ؛ كي يكون أملا، ولأن الإنسان يَتَرَقَّب طُلوعَ الشمس لكي تكون أملا، ولأن الإنسان يترقَّب مرورَ الأيامِ يومًا بعد يوم؛ فلعل الأيام تأتي له بالفرج فَإِنْ كان مريضًا تأتي له بالعافية، وإِنْ كان مسافرا تأتي له بالعودة والأوبة إلى بلاده، والأيام والمناسبات تصنع الجمال في حياتنا، وعندما يأتي عيد الفطر يجتمع الناس ويَصِلُونَ أَرْحَامَهُم، وعندما ترى الناس في رمضان يلتفون حول مائدة واحدة، ويأكلون التمر والماء، فهل بعد هذا كله يكون رمضان كريهًا.
 فهل رمضان كريه عندك؛ لأنه يجعل الناس تتآلف وتجتمع؟! وهل عندما ترى الناس في رمضان يلتفون مع بعضهم البعض حول مائدة واحدة، ويتشاركون طعاما واحد، فهل رمضان بعد كل هذا الكلام الذي قلته لك يُعدّ كريهًا؟!
أحبابي الكرام، إِنَّ كُلَّ ما يُثيره الملاحدة من تُرَّهات هو كلام باطل، وهناك ما يثبت ذلك من الأمثلة التي إن طرحناها على أولئك الملاحدة لَبُهِتوا عن آخرهم فأولئك الملاحدة الذين يزعمون أن شهر رمضان يأتي بالقفر والجدب، والسوء على كل المسلمين فلو سألتهم بعض الأسئلة، فهل سيجيبون عليها؟
 ومنها: هل رأيتم – أيها الملاحدة - في رمضان خيراتٍ تعم على الناس؟ هل رأيتم – أيها الملاحدة - في رمضان بركات يزداد معها الطعام ونأكل، ونأكل، ونأكل، ورغم هذا فإن الطعام لا يقل وإنما يزيد؟! هل رأيتم – أيها الملاحدة - الصائم يواجه العذاب على حَدِّ قولكم في رمضان وحده؟ أم أنَّ الله تعالى يُعينه؟ أم أنَّ الله يعطي الطفل  الصغير الإحساس بالشبع، والطفل الذي عنده امتحان في الثانوية العامة، أو في الجامعة يأتي له الإحساس أنَّ الله تعالى يعينه، وأن الله تعالى معه، وأن الله تعالى يقويه؟!

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض