(أدب الحب في الله والبغض في الله) الحب سر من أسرار الوجود، وحافز قوي للاندفاع نحو الخير أو الانحراف نحو الشر، فه مبعث الابداع والعطاء والتعاطف، والاقبال على التعلم والاختراع، وعلى جودة الصنعة والاتقان، وبدونه يكون الإهمال والضياع والتباغض والشحناء. لذا وجه الاسلام هذه العاطفة لما فيه صلاح الفرد والمجتمع وجعل لها ضوابط تنأى بالانسان عن الانحدار في مهاوي الشر والفساد. من هذه الضوابط: (أ) أن يكون الحب فيما يرضي الله لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به). حديث حسن صحيح أخرجه النووي في الأربعين. (ب) ومنها أن يكون الحب فيما يعود على الفرد والمجتمع بالخير والسعادة. عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)! متفق عليه. وهل يحب الانسان لنفسه إلا الخير والسعادة؟ فالمؤمنون إخوة يعني التماثل والتشابه، ومن التماثل أن تحب لأخيك مثل ما تحب لنفسك وأن تكره له مثل ما تكرهه لنفسك لذا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الذين يضعفون أمام شهوتهم الجنسية: أترضاه لأمك؟ قال : لا. أترضاه لأختك؟ قال: لا. أترضاه لخالتك؟ قال: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: فكيف ترضاه لأخوات الناس وأمهاتهم- بهذا الأسلوب عالج رسول الله صلى الله عليه وسلم جنوح هذه العاطفة- عن أبي ذر ضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الأعمال: الحبُ في الله والبغض في الله)- رواه أبو داود. والحب في الله هو أن تحب الأخ لالتزامه منهج الله. والبغض في الله هو أن تكره من يبتعد عن منهج الله. والحب في الله والبغض في الله هما مقياس الايمان فكلما ازداد الأخ قرباً من الله هما مقياس الايمان فكلما ازداد الأخ قرباً من الله تعالى ارتفع مؤشر محبته محبته بمقدار قربه من الله تعالى، وكلما ابتعد عن الله انخفض مؤشر محبته بمقدار بعده عن منهج الله تعالى، ولو كان أقرب المقربين إرلينا- فبنيامين ابن نوح عليه السلام حينما خالف أمر ربه وأوشك على الغرق تحركت عاطفة الأبوة في نفس أبيه