يقول تعالى :
{اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا
تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا
بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَؤُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (البقرة:255).
الله الذي لا يستحق الألوهية والعبودية إلا هو، الحيُّ
الذي له جميع معاني الحياة الكاملة، كما يليق بجلاله، القائم على كل شيء، لا تأخذه
سنة أي: نعاس، ولا نوم، كل ما في السموات وما في الأرض ملك له، ولا يتجاسر أحد أن
يشفع عنده إلا بإذنه، محيط علمه بجميع الكائنات، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، يعلم
ما بين أيدي الخلائق من الأمور المستقبلة، وما خلفهم من الأمور الماضية، ولا
يَطَّلع أحد من الخلق على شيء من علمه إلا بما أعلمه الله وأطلعه عليه.
وسع كرسيه السموات والأرض، والكرسي
هو موضع قدمي الرب
جل جلاله، ولا يعلم كيفيته إلا الله
سبحانه، ولا يثقله سبحانه حفظهما، وهو العلي بذاته وصفاته على جميع مخلوقاته،
الجامع لجميع صفات العظمة والكبرياء، وهذه الآية أعظم آية في القرآن، وتسمى "آية
الكرسى".
إنه سبحانه حفيظ السموات والأرض، فلو
نزل نجم ضل طريقه في لحظة من الثانية على الأرض لقامت الساعة، قال تعالى: {لَا
الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا الليْلُ سَابِقُ
النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس:40)، لكل من
الشمس والقمر والليل والنهار وقت قدَّره الله له لا يتعداه، فلا يمكن للشمس أن
تلحق القمر فتمحو نوره، أو تغير مجراه، ولا يمكن لليل أن يسبق النهار، فيدخل عليه
قبل انقضاء وقته، وكل من الشمس والقمر والكواكب في فلك يَجْرون.
الذي يتخفى ويتخطى من وراء الأبواب والنوافذ يراه الله
سبحانه وتعالى "إن الله يعلم"، قال تعالى:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ
مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ
اللهُ جَمِيعًا إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:148).
ولكل أمة من الأمم قبلة يتوجَّه إليها كل واحد منها في
صلاته، فبادروا أيها المؤمنون متسابقين إلى فعل الأعمال الصالحة التي شرعها الله
لكم في دين الإسلام، وسيجمعكم الله جميعًا يوم القيامة من أي موضع كنتم فيه، إن
الله على كل شيء قدير.
إن لله عز وجل ملائكة يحفظون من أمر بحفظه، حتى يأتي أمر
الله، فإذا ما أتى أمر الله فلا يغني حذر من قدر {سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ
الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالليْلِ وَسَارِبٌ
بِالنَّهَارِ} (الرعد:10)، يستوي في علمه تعالى من أخفى القول منكم ومن جهر به،
ويستوي عنده من استتر بأعماله في ظلمة الليل، ومن جهر بها في وضح النهار.