(آداب السَّلام) السلام أدب اجتماعي به يبدأ المرء قومه حين يلقاهم للتعبير عن حبه وتمنياته الطيبة لهم بحياة عزيزة كريمة. والسلام: تحية، والحياة: تأتي بمعنى النمو والبقاء والمنفعة- والحيا: معناه الخطب والمطر. وكلمة حياك الله: تعني أبقاك الله، وقد اصطلحت كل أمة على عبارة أو إشارة، جعلتها رمزاً للتعبير عن التحية، وكان لفظ السلام عليكم: هو شعار المسلمين لتحية بعضهم بعضا، وقد عرَّف المروندي السلام بقوله: السلام: اسم من أسماء الله تعالى ومعناه: اسم الله عليك- أي: أنت من حفظ الله، ويأتي بمعنى السلامة- أي السلامة ملازمة لك. ونظا لما في السلام من تحاب وترابط بين أفراد المجتمع. فقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على إفشائه بين من نعرف ومن لا نعف- فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أي الإسلام خير- قال: تطعم الطعام تقرىء السلام على من تعرف ومن لا تعرف).- رواه البخاري ومسلم وأبو داود. كما جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيلا لدخول الجنة- باعتباره وسيلة التحاب، والتحاب دليل الايمان، وجزاء الايمان الجنة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال سول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم). رواه مسلم،، والسلام بمثابة تنبيه للحاضرين لاستقبال القادم عليهم والترحيب به ومعرفة حاجته. والسلام تحية المؤمنين منذ عهد آدم عليه السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما خلق الله آدم عليه السلام قال: اذهب فسلم على أولئك- نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحيونك فإنهها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله- فزادوه ورحمة الله-) رواه البخاري ومسلم. وإلقاء السلام سنة يثاب فاعلها، ورد واجب يأثم الممتنع عن رده، فقد نقل العطاء: سئل أبو عبدالله أحمد ابن حنبل عن رجل مرَّ بجماعة فسلم عليهم فلم يردوا عليه السلام فقال: يسرع في خطاه لئلا تلحقه اللعنة مع القوم. ومن السنة أن يردَّ السلام على الفور دون تباطؤ. إذا ألقي السلام على جماعة يصح أن يرد أحدهم نيابة عنهم- كما يصح أن يلقي السلام فرد من جماعة نيابة عنهم، لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يجزىء عن الجماعة مروا أن يسلم أحدهم، ويجزىء عن الجلوس أن يرد أحدهم). رواه أبو داود والبيهقي بإسناد حسن كما ورد في الجامع الصغير. ويكون السلام بلفظ (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ويصح مجزوءاً بلفظ السلام عليكم- أو السلام عليكم ورحمة الله، والأفضل أن يكون كاملا. فعن عمران بن الحصين قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه السلام ثم جلس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر (أي عشر حسنات) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه السلام فجلس فقال: عشرون. ثم جاء آخر فقال: السلا م فجلس فقال: عشرون. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله بركاته. فرد عليه السلام فجلس فقال ثلاثون). رواه أبو داود وقال حديث حسن. أما رد السلام فيكون بعبارة (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) ويستحب أن يزيد على عباة المسلم، فإن قال: السلام عليكم. أجاب بزيادة ورحمة الله. وأن قال السلام وعليكم ورحمة الله، أضاف وبركاته. استجابة لأمر الله تعالى: (وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) النساء 96. ثم لا بأس بعد الانتهاء من السلام أن نتبادل عبارات الترحيب مثل: مساك الله بالخير- و(كيف حالك. فيجيب: بخير.. أحمد الله. وإذا قال له أحد إني أحبك. يجيبه: أحبك الذي احببتني له). كما روى أبو داود والنسائي وقال حديث صحيح. ومن آداب السلام. 1- إذا كان الجمع كبيراً فيسن تكرار السلام ثلاثاً بحيث يعم الحضور الجهات كافة. فعن أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم ثلاثا)- رواه البخاري. 2- من الأدب خفض الصوت بالسلام على قوم بينهم نيام- حتى لا نعكر نومهم فمن حديث طويل للمقداد: (كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن فيجىء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسممع اليقظان). رواه مسلم. 3- ومن أدب الاسلام:ك (ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تكن بركة عليك وعلى أهل بيتك). حديث حسن غريب. وإذا كان البيت خاليا من السكان، فسلم على نفسك بقولك (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لقوله تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) النور 91، وروى نافع عن ابن عمر (كان إذا دخل بيتا ليس فيه أحد قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). ولم يرد ابن عمر على نفسه. اسناده جيد. 4- ولا بأس من الاشاة باليد أثناء السلام عن بعد- فقد روى عن أسماء بنت يزيد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم). رواه الترمذي حديث حسن. 5- ولا بأس بسلام الرجال على النساء، ولابسلام النساء على الرجال، شريطة الاحتشام وغض الطرف وأمن الفتنة. جاء في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه عن أسماء بنت يزيد قالت: (مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا). قال الترمذي حديث حسن. وورد في صحيح مسلم عن أم هانىء بنت أبي طالب قالت: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وهو يغتسل وفاطمة تستره، فسلمت عليه فقال: من هذه. قلت: أم هانىء بنت أبي طالب. فقال: مرحباً بأم هانىء. فلما فرغ من غسله قام فصلى) كما ثبت في صحيح مسلم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما زارا أم أيمن وسلما عليها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.