الله يسأل الصادقين عن صدقهم يوم القيامة

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الله يسأل الصادقين عن صدقهم يوم القيامة

الله يسأل الصادقين عن صدقهم يوم القيامة
 لقد أخبر الله تعالى أنه سيسأل الصادقين عن صدقهم، ويُسألون عن ثباتهم، ويُسألون عما صبرهم على هذه الحياة، قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (آل عمران: 142يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أظننتم أن تدخلوا الجنة، ولم تبتلوا بالقتال والشدائد؟ لا يحصل لكم دخولها حتى تبتلوا، ويعلم الله المجاهدين منكم في سبيله، والصابرين على مقاومة الأعداء.. إن الجنة تحتاج إلى مجاهدة ومصابرة؟
لأننا نعلم أنك يا ربنا شاهد على صدقنا، كما جاء في قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لَّا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} (الأنعام: 19).
قل: أيُّ شيء أكبر شهادة؟ قل: أكبر شهيد علينا هو الله، وكفى بالله شهيدًا، أي: هل ترى شهيدًا أفضل من الله؟ هل ترى شاهدًا أعز من الله؟ هل ترى كافيًا أغنى من الله؟ وكفى بالله شهيدًا، هذه حالة الصدق، أما حالة النفاق التي هي عكس الصدق فأشار إليها القرآن{وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} (التوبة: 75ومِن فقراء المنافقين مَن يقطع العهد على نفسه: لئن أعطاه الله المال ليصدقن منه، وليعملن ما يعمل الصالحون في أموالهم، وليسيرنَّ في طريق الصلاح، ثم قال تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ (78) أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (79)} (التوبة: 76-79)، فلما أعطاهم الله من فضله بخلوا بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال في الخير، وتولوا وهم معرضون عن الإسلام، فكان جزاء صنيعهم وعاقبتهم أن زادهم نفاقًا على نفاقهم، لا يستطيعون التخلص منه إلى يوم الحساب، وذلك بسبب إخلافهم الوعد الذي قطعوه على أنفسهم، وبسبب نفاقهم وكذبهم، ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن الله يعلم ما يخفونه في أنفسهم، وما يتحدثون به في مجالسهم من الكيد والمكر، وأن الله عَلَّام الغيوب؟ فسيجازيهم على أعمالهم التي أحصاها عليهم.
الله تعالى وصف المؤمنين بأنهم أهل الصدق في موضعين في كتابه الكريم: الموضع الأول: قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات: 15إنما المؤمنون الذين صدَّقوا بالله وبرسوله وعملوا بشرعه، ثم لم يرتابوا في إيمانهم، وبذلوا نفائس أموالهم وأرواحهم في الجهاد في سبيل الله وطاعته ورضوانه، أولئك هم الصادقون في إيمانهم.
الموضع الثاني: قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحشر: 8).
وكذلك يُعطى من المال الذي أفاءه الله على رسوله الفقراء المهاجرون، الذين اضطرهم كفار مكة إلى الخروج من ديارهم وأموالهم يطلبون من الله أن يتفضل عليهم بالرزق في الدنيا والرضوان في الآخرة، وينصرون دين الله ورسوله بالجهاد في سبيل الله، أولئك هم الصادقون الذين صدَّقوا قولهم بفعلهم.
وتلاحظ هنا أن الصادقين في سورة الحجرات هم المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم دون أي شك في أي شيء، وفي الوقت نفسه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، وكذلك في سورة الحشر، فالفقراء المهاجرون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم هؤلاء يبتغون كل الفضل من رب العالمين ورضوانه، كذلك هم الذين ينصرون الله ورسوله، فتلاحظ في السورتين الربط بين الإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع نصرتهم لله تعالى ورسوله فأولئك هم الصادقون.
فالمؤمن الصادق ليس عنده ارتياب، وليس عنده أي شك في الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصدق طمأنينة"، أي: الصدق فيه راحة، وفيه سكينة، وقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} (الحجرات: 15)، فيقينك في الله أعظم مِن يقينك فيما بين يديك، ويقينك في الله تعالى أعظم من يقينك في النَّفَسِ الذي يخرج منك، لأن الذي وهبك النفس هو الله، ويقينك في الله أشد مِن يقينك في ناظريك، لأن الذي وهبك النظر هو الله، فاليقين في المعطي أقوى من اليقين فيما أعطى، فمَا دُمْتَ قد وُفِّقْت في النعمة، وأيقنت في النعمة، فلا بد أن تكون ثقتك في المنعم أشد وأكبر، قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} (الحجرات: 15)، وكيف يرتاب؟ وكيف يأتي الشك في الله سبحانه وتعالى؟ عندما يقل الإيمان، وعندما يضعف الإيمان، وعندما ترى أن أحدًا يضرك أو ينفعك غير الله رب العالمين، وعندما تشك في القضاء، وعندما تشك في القدر، وعندما تشك في الرزق، هذه قضية خطيرة جدًّا أن تعتقد أن أحدًا يسوق رزقًا إليك، أو أن أحدًا يمنع رزقًا عنك، هذا من سوء الاعتقاد في الله رب العالمين. 

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض