التحويطة والأحجبة طبعا نحن لا نُفَضِّلُ استخدام هذه التحصينات في الرُّقَى أو في الأحجبة؛ إذ إن هناك بعضا من الناس يفعلون أمورا غريبة، ومنها أنه من الممكن أن يأتي شخص ما، ويقول: إن الحصن طويل جدًا، ولن أقدرَ على حفظه، فيقوم بوضعه في حجابٍ، ويضعه في جيبه – مثلا - وينام عليه. إننا لا نُرجِّحُ هذا الأمر، ولسنا من أنصارِ أنَّ المصحفَ يُكتبُ على ورقٍ، ثم نأتي بالزعفران أو بالزعتر، ونسكب الزعتر أو الزعفران على القرآن المكتوب، ثم نقوم بشربه؛ فنحن لا نحب هذا؛ لأنه لم يثبت قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا. والذي نفعله أننا نُصَحِّحُ هذه المفاهيم للنَّاسِ؛ فموضوعُ الأحجبةِ حتى لو كان الحجابُ نفسه، بداخلهِ نفسه آية الكرسي! ويؤخذ الحجابُ ويُعلَّق في الطفل أو في الشاب، أو في المسحور، فنحن ضد هذا الكلام؛ لأنه بعيدٌ عن سُنَّةِ النَّبي، صلوات ربي وتسليمه عليه. وطبعًا طالما أنَّ هُناك بديلاً شرعيًا ثابتًا عن النَّبي الكريم، وعن أصحابه، وعن السَّلفِ الصَّالحِ فالأفضل أن نفعله دُونَ أن يَأخُذَ الإنسانُ سيئةً بحسنةٍ. ومهما كان الكلامُ الموجود دَاخل هذه الأحجبة، والتي فيها كلمات المُصحفِ مكتوبة فيه الآيات بطريقة معكوسة من الخلف وليس من الأمام، فتلك مُصيبةٌ للكُلِّ حتى مَنْ يقوم بإمساكه بنفسه ويقوم بفتحه فإنه يُؤْذَى به، ولذلك حَذَّرَ النبي الكريم - صلوات ربي وسلامه عليه - من تلك الأمور التي اِصْطُلِحَ عليها باسم: (التحويطة). نبدأ الآن في ذكر الحِصنِ القوي الذي ذكره الإمام بن القيم - رحمه الله تعالى – وهذا الحصن هو: "بسم الله، بسم الله، بسم الله، أمسينا بالله الذي ليس منه شيء ممتنع، وبِعِزَّةِ اللهِ التي لا تُرام ولا تُضام، وبسلطان الله المنيع نحتجب، وبأسمائه الحسنى؛ كلها عائذ من الأبالسة، ومن شَرِّ شياطين الإنس والجن، ومن شَرِّ كُلِّ مُعْلِنٍ أو مُسِرٍّ، ومن شَرِّ ما يخرج بالليل، ويَكْمُنُ بالنَّهار، ويَكْمُنُ بالليلِ ويخرجُ بالنَّهارِ، ومن شَرِّ ما خَلَقَ وذَرَأَ وبَرَأ، ومن شَرِّ إبليس وجنوده، ومن شَرِّ كُلِّ دَابةٍ أنت آخذٌ بناصيتها، إنَّ ربي على صراطٍ مستقيم، أعوذ بالله مما استعاذ به موسى وعيسى وإبراهيم الذي وَفَّى، ومن شَرِّ ما خَلَقَ وذَرَأ وبَرَأ، ومن شَرِّ إبليس وجنوده ومن شَرِّ ما يبغي، ثم يقرأ الآيات العشر الأولى من سورة الصافات". [الوابل الصيب من الكلم الطيب، 1/86]. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 1 - 10]. يعني الحصن نفسه هو الذي يبدأ بـ: "بسم الله" - سلمكم الله وأحبكم - حتى إذا ما انتهينا منه، قرآنا الآيات من [1: 10] من سورة الصافات، ومعروفٌ مدى قُوَّةِ سُورةِ الصَّافات في التحصينات للبدن، وفي مُضايقةِ الجِنِّ؛ لأنها قوية في صَدِّ الحَسَدِ - أيضًا - يعني هذا الحِصنُ يُعالج الوسوسة؛ فعندما يقرؤه الإنسان الرَّاقي على نَفْسِ المُوسْوِس - سلَّمكم الله - أو يقرأ على ماءٍ ويشربه الممسوس [الذي عنده مَسّ]، أو يشربه المسحور الذي عنده سِحرٌ، أو يشربه الإنسان الذي تَوقَّفَ حالهُ بفعلِ القرينِ أو بفعلِ الحَسَدِ؛ لأنَّ وَقْفَ الحَالِ يأتي إِمَّا عن طَريقِ القَرينِ وإمَّا عن طَريقِ الحَسَدِ. إذا هذا الحصن الحصين - إِنْ صَحَّ التعبيرُ - الذي ذكره ابن القيم - رحمه الله تعالى - وسأقرؤه على أسماعكم مرة ثانية: " بسم الله، بسم الله، بسم الله، أمسينا بالله الذي ليس منه شيء ممتنع، وبِعِزَّةِ اللهِ التي لا تُرام ولا تُضام، وبسلطان الله المنيع نحتجب، وبأسمائه الحسنى؛ كلها عائذ من الأبالسة، ومن شَرِّ شياطين الإنس والجن، ومن شَرِّ كُلِّ مُعْلِنٍ أو مُسِرٍّ، ومن شَرِّ ما يخرج بالليل، ويَكْمُنُ بالنَّهار، ويَكْمُنُ بالليلِ ويخرجُ بالنَّهارِ، ومن شَرِّ ما خَلَقَ وذَرَأَ وبَرَأ، ومن شَرِّ إبليس وجنوده، ومن شَرِّ كُلِّ دَابةٍ أنت آخذٌ بناصيتها، إنَّ ربي على صراطٍ مستقيم، أعوذ بالله مما استعاذ به موسى وعيسى وإبراهيم الذي وَفَّى، ومن شَرِّ ما خَلَقَ وذَرَأ وبَرَأ ومن شَرِّ إبليس وجنوده ومن شَرِّ ما يبغي، ثم يقرأ الآيات العشر الأولى من سورة الصافات". أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [الصافات: 1 - 10]. وسيكون هذا حِصنًا كَافيًا مُريحًا، ولو تأملت هذا الحصن للاحظتم أنه يبدأ باسم الله، ثم يستعين بِعِزَّةِ اللهِ التي لا تُرام ولا تُضام، ثم بسلطان الله، بمعنى أن المعالم الرئيسة الأساس هي: [بسم الله/ بعزة الله/ بسلطان الله/ بأسمائه الحسنى كلها]؛ فهذه الأشياء الذي يستعين بها الإنسانُ في البدايةِ، ولكن، هناك سؤال، وهو: يستعين بها على ماذا؟ إنه يستعين بها على إبليس وجنوده وشياطين الإنس والجن، يستعيذ من كُلِّ ضَرَرٍ يأتي لك من حَسَدٍ، أو مَسٍّ أو كَرْبٍ أو حِقْدٍ أو نظرة، وهكذا. ولو تأملنا باقي التحصين في قوله: "ومن شرّ ما يخرج بالليل" وهي عِبَارَةٌ تُشِلّ كُلَّ شُرورِ الليلِ بما فيها الأشباح والخيالات، سبحان الله العلي القوي المتين.