الأغذية العلاجية من هَديِ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الأغذية العلاجية من هَديِ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

الأغذية العلاجية من هَديِ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين، تواضعَ كل شيء لعظمته وَذَلَّ كلُّ شيء لعزته، واستسلمَ كلُّ شيء لإرادته، اللهم لك الحمد على كريمِ نَعمائك، وعلى مزيد إنعامك، وعلى واسع فضلِك، والصلاة والسلام على خير الأنام، ومِفتاح دار السلام، وعلى آله وصحبه الطيبين، وبعدُ:
نتناول اليومَ ـــــــ إن شاء الله تعالى مِن فضله وكرمه ـــــــ في برنامج المعايشة النبوية الدرس الثامن عشر نتناول "الأغذية العلاجية من هَديِ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم".
من صفات الطب النبوي:
سبق أن ذكرتُ لكم مراتٍ كثيرةً، أنه من صفات الطب النبوي أنه طب علاجي وغذائي أي: إن معظم العلاجات التي نقولها (مثل: زيت حبة البركة، وزيت الزيتون، وحبة البركة، وأوراق الزيتون، والتمر، والعجوة، وعسل النحل، وغذاء الملكات، ..) كل هذا في الأساس غذاء، هل يشك أحد في هذا؟ إذن غذاءٌ وفي الوقت نفسه شفاءٌ.
شِعارُ الطبِّ النبويّ "غِذاؤكم دواؤكم":
شِعارُ الطبِّ النبويّ "غِذاؤكم دواؤكم"؛ ولذلك فإن النظام الغذائي الصحيح هذا علاج، مثلًا أمراض السكَّر التأثير فيها يأتي من عدم انتظام الطعام، على حدِّ قول العوامّ (ألَخْبط في الأكل، وهذه اللخبطة معناها: أُخالِف السُّنَّة النبوية) إذن انتظام الطعام انتظام للعافية، واختلال الطعام اختلال للعافية؛ أي: إن الفرد منا يأكل ويبالغ في الطعام إلى التُّخمة وينام، فإنه لا شك سيستيقظ مريضًا ومُرهَقًا مُتْعَبًا ولا يكاد يرى أمامه سلَّمَك الله تعالَى وأحبَّكَ.
ومثلا شخص ما يُسرف في أكل الأطعمة والسكريات والحلوى والنشويات ونحوها فمما لا شك فيه أن هذا الإسراف يرفع عنده السكر، وعندما يرتفع عنده السكر فذلك يؤثر في جميع القوى الفاعلة في البدن.
إذن غذاؤكم دواؤكم؛ الغذاء نفسه دواء، الغذاء دواءٌ، أنا ممكن أقول لمريضٍ: علاجُك أن تتناول كل يوم ثلاثة أكواب من الماء على ريق النوم، ولا تأكل بعدها إلا بعد مرور نصف ساعة على الأقل؛ فإنه سيعالج عندك أشياء كثيرة جدًّا، ويُخسِّس جسمَك، ويُريحُ صدرَك، وكذا وكذا، لاحظ: العلاج بالماء وفقط.
شخص آخر أقول له: علاجُكَ أن تأكل في اليوم خمسَ مراتٍ، وليس ثلاثَ مراتٍ ولكنْ تُخَفِّف في الوجبات، وهذا غذاءٌ انتقائي أو الدواء الانتقائي وهو في السُّنة أيضًا.
إذن أمور بسيطة بترتيبات معينة - سلمك الله تعالى وأحبك وأذاقَنِي الله تعالى وإياك حلاوة الإيمان - وليس كل ما تشتهيه تأكله؛ لأن هذا الأمر ليس مُتَيَسَّرا في كل الأوقات، وقد يؤدي بك إلى التخمة وعدم الرضا وعدم الشُّكر.
هذا الموضوع " الأغذية العلاجية " يحتاج منا إلى موسوعة أو إلى ندوة، بل إلى مؤتمر حيث إن كل ما أوصَى به النبيُّ صلى الله عليه وسلم من عِلاجاتٍ، وما فعله النبيُّ صلى الله عليه وسلم وذكرناه في الدروس الماضية مما هو ثابتٌ في الصحيحين هو علاج (مثل علاج ذات الجَنبِ ــــ سلَّمك الله تعالى ـــــ ولم يكن يعلم بمرض ذات الجَنب هذا إلا من هَديِ النبيِّ الكريم صلى الله عليه وسلم، ومثل علاج العُذرَة ومَن كان يعرف العُذرَة؟ لا أحد، أي: إن السُّنَّة تقدم لنا أسماء أمراض لا نعرفها أيضا، أي: إن السُّنَّة تعطينا حتى أسماء الأمراض نفسها، ومَن كان يعرف الكُسْتَ الهندي؟ والبَرِّي؟ والبحري؟ وهكذا.
اليوم بعد هذه المقدمة سأقدم لك مجموعة من الأغذية العلاجية أوصَى النبي صلى الله عليه وسلم بها والتي لو استخدمناها لكانت غذاء ودواء وعلاجًا بإذن الله تعالى.
مسألة العلاج ليست في يدي ولا في يد غيري، نقول مثلًا زيت حبة البركة يساعد في تقوية الأعصاب وراحة للذهن وتقوية المناعة، لكنه قد يساعد معي، ولكن لا يساعد مع غيري، لماذا؟ لأنني أنا مقتنع به تمامًا، فيعالج معي أنا تمامًا، والسواك يعالج معي حين يكون عندي مغص فأستخدمه، حتى وأنا صائم فالله يشفيني، وحين تكون عندي دوخة فأستخدمه فالله يشفيني.
إن مسألة الاقتناع والقناعة في الطب النبوي مسألة مهمة جدًّا، والتلبينة تعالج مئات الأمراض لمن يقتنعون بها ويؤمنون بها، لمن يؤمنون بــ: قال وصدَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ» الأُتْرُجَّةِ: اُختُلِف في معناها؛ فقيل: إنها ما يُعرَف في بلادنا بــــ:" الكَنتَلوب" فـــ " الكَنتَلوب" هذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، وهو علاج ممتاز في الصيف من معظم الأمراض.
وقيل الأُتْرُجَّةِ: هي التفاح، والتفاح أستاذ كبير في علاج أمراض القلب وتصلب الشرايين، وضعف عضلة القلب؛ فضع كل عائلة التفاح (المصري والأمريكي وكل نوع من التفاح) حتى قشر التفاح يُعالج أيضًا.
والأُتْرُجَّةِ: يقال: إنها ثمرة مثل الليمون أو كبيرة عن الليمون قليلًا، لونها ذهبِيّ وذكِيّ الرائحة، وحامض الماء.
على أيَّة حال، فإن الأُتْرُجَّة كما قلت لك بأي صفة من الصفات، فهي علاج وغذاء، والأقرب إليها ما يُعرف في بلادنا بــ " الكنتلوب " الصغير، وتكون رائحته نافذة ومعالج وقوي ومريح للأعصاب ومريح للبطن، يعالج كل حاجة.
أيضًا تكلم النبي على الأَرْز، والأرز هذا لو تعرفه فهو في لبنان حيث جبال الأرز، جبال الأرز هي الصنوبر، وفيها جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ الْخَامَةِ تَحْمَرُّ مَرَّةً، وَتَصْفَرُّ أُخْرَى» وفي صحيح البخاري: «مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ، وَالفَاجِرُ كَالأَرْزَةِ، صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً، حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ» وفي صحيح مسلم، بَابُ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالزَّرْعِ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَشَجَرِ الْأَرْزِ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفِيئُهَا الرِّيحُ، تَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى، حَتَّى تَهِيجَ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا، لَا يُفِيئُهَا شَيْءٌ، حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً».
وكذلك: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفِيئُهَا الرِّيَاحُ، تَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا، حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ مَثَلُ الْأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ الَّتِي لَا يُصِيبُهَا شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً» الأرزة: الصنوبر. انْجِعَافُهَا: كسرُها. الصنوبر شجر واقف عمودي لا يتحرك لا يميل لا يتلحلح، ورغم هذا سنذكر فوائده، لكن المؤمن كالخامة من النبات نبات معتاد كالذرة، والقمح يتمايل مع الريح ومع الزمن ومع الشمس وكذا كذا، لكن المنافق فهو واقف لا يتأثر حتى ينكسر أى: ينتهي مرة واحدة.
الصنوبر منه زيت الصنوبر وهو مهم جدًّا يعالج الروماتيزم والمفاصل، تقريبًا كل الكريمات التي تعالج الروماتيزم والهشاشة والخُشونة أساسها زيت الصنوبر، هو نفسه زيت الصنوبر هذا حين يكون موجودًا عندك في المنزل أو اشتريته ـــ سلمك الله ــــ من أحد العشّابين (العطارين)، فإنه يقوم مقام جميع الكريمات المرَخَّص بها في الصيدليات وغيرها. إذن زيت الصنوبر قويٌّ من قوة الصنوبر يعالج الخشونة والهشاشة وكذا وكذا، طبعًا ذكره حضرةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وأيضا ذكَرَ حضرةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم الإذخِر، والحديث معنا في البخاري الحديث فيه كلام كثير حلو، قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفة مكة: لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ» فَقَالَ العَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِلَّا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ: إِلَّا الإِذْخِرَ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا» لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا: يعني لا يُؤخذ منها أيُّ شيء يضيع من أحدٍ، وهذا جزء من تحريم مكة، لا تؤخذُ فيها اللقَطةُ أو أي شيء في الخلاء، قال له العباس: إلا الإذخَر، يا رسول الله، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخَر"، بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
والإذخَر هو حشيشة طيبة الرائحة، والواحدة منها اسمها: إذخَرة، تنبُتُ في مكة - شَرَّفَها الله تعالى وأحبكَ- فالإنسان في الحَج أو في الإحرام لو أخذ منها لا يأثَم، وهو مُحرِمٌ، بينما لو أخذ من غيرها فإنه يأثم، ولو قطع شجرة غيرها يأثَم، لكن الإذخَر لو أخذ منه المُحرِم فإنه لا يأثَم؛ لأن رائحته جميلةٌ، ويخرج منه زيتٌ اسمه زيتُ الإذخَر، وهذا الزيت يعالج المفاصل والخشونة وهكذا، وطيّب الرائحة ذو رائحة جميلة، هذا من هَديِ النبي سيدنا صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الكرام.
الحديث له بقية لا زال معنا الجزء الثاني من هذا الدرس الذي نتكلم فيه عن الأشياء التي ذَكَرَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم تكون غذاءً وعُطورًا مثلَ الإذخَر، وزيوتًا مُعالِجة مثل الأَرز أو الصنوبر، وفي لبنان جبال الأَرز كما قلتُ لك ـ سلَّمك الله ــ أو الأُترُجَّة التي شرحتُها لك وقرَّبتُها إلى حضرتك، ومنها الكمَأة وغير الكمأة مما سيأتي ذَكرُه في الدرس القادِم إن شاء الله تعالى.
جمعتنا محبةُ الله تعالى ومحبةُ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الحب التقينا وعلى رحمة الله نلتقِي ونرتَقِي، مستودِعًا ربي دينَكم وأمانتَكم وخواتيمَ أعمالِكم.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض