السميع

السميع

اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه أن الله تعالى يسمع الجهر من القول، ويسمع السر وأخفى، وهو السميع العليم لأقوال عباده أجمعين، لا تخفى عليه أصواتهم في الأرض، ولا في السماء، فلا يفوت سمعه شيء، ولا يشغله نداء عن نداء، ولا تختلط عليه الأصوات، فهو السميع العليم المدرك لكل الأمور.

قال – تعالى -: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون}[الزُّخرُف:80].

وقال - تعالى -: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير}[غافر:20].

ويختص هذا الاسم بعدة خواص:

الأولى: أن السميع هو الذي يسمع المناجاة، ويقبل الطاعات، ويقيل العثرات.

الثانية: أن السميع هو الذي يجيب الدعوة عند الاضطرار، وكشف المحنة عند الافتقار، وغفر الذلة عند الاستغفار، وقبول المعذرة عند الاعتذار، ورحمة الضعيف عند الذلة والانكسار.

الثالثة: أن السميع من حقه سبحانه صفة زائدة على العلم، ينكشف بها المسموع انكشافًا تامًّا، فلا يغيب عن سمعه القديم مسموع يسمع السر والنجوى .

انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:

اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى السميع، وآمنت به حق الإيمان فإنه يتحقق لك عدة فوائد:

الأولى: يدفع بالمسلم إلى التخلي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه .

قال الله – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم}[الحُجُرات:12].

وقال – تعالى -: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}[الأحزاب:58].

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَقَاطَعُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ "

الثانية: يدفع بالمسلم إلى التخلي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إلا لحاجة، وهو أن يتحدثا سرًّا، بحيث لا يسمعهما، وفي معناه ما إذا تحدث اثنان بلسان لا يفهمه .

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رضي الله عنه ـ  قَاْلَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :" إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ".

وقال النووي في شرح حديث (لا يتناجى اثنان دون الآخر): في هذه الأحاديث النهي عن تناجي اثنين بحضرة ثالث، وكذا ثلاثة بحضرة واحد، وهو نهي تحريم؛ فيحرم على الجماعة المناجاة دون واحد منهم إلا أن يأذن، ومذهب ابن عمر ومالك وأصحابنا وجماهير العلماء أن النهي عام في كل الأزمان، وفي الحضر والسفر، وأما إذا كانوا أربعة؛ فتناجي اثنان دون اثنين ، فلا بأس بالإجماع.

وقال ابن حجر في الفتح، عند شرح حديث مناجاة الرسول لفاطمة: قال ابن بطال: مُسَارَرَة الواحد مع الواحد بحضرة الجماعة جائز، لأن المعنى الذي يخاف من ترك الواحد لا يخاف من ترك الجماعة.

الثالثة: به يتيقن المسلم أن الله عز وجل مطلع عليه، فلا يقترب من المعاصي، فقال تعالى {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُوم * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِين} [الشعراء:218 - 219].

وقال – تعالى -: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء}[آل عمران:5].

الرابعة: به يتفاءل، ولا ييأس من روح الله:

قال – تعالى -: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون}[يوسف:87].

وقال أيضًا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم}[الزُّمَر:53].

قال النبي  - صلى الله عليه وسلم -  فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: «يَقُولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُـهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإ ذَكَرْتُـهُ فِي مَلإ هُـمْ خَيْـرٌ مِنْـهُـمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْراً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْـهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً، تَقَرَّبْتُ مِنْـهُ بَاعاً، وَإِنْ أتَانِي يَـمْشِي، أتَيْتُـهُ هَرْوَلَةً» .

الخامسة: به يبتعد المسلم عن الجدال والمراء:

قال – تعالى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَاد} [البقرة:204 - 205].

وقال – تعالى -: {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُون}[الزُّخرُف:58].

وقال – تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير}[غافر:56].

وأما في السنة فقد جاء ذم الجدال وأهله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث: ففي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ".

قال النووي - رحمه الله تعالى -في شرحه: " الألد شديد الخصومة مأخوذ من لَدِيدَي الوادي، وهما جانباه؛ لأنه كلما احتج عليه بحجة أخذ في جانب آخر، وأما الخصم فهو الحاذق بالخصومة والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حق أو إثبات باطل والله أعلم" .

السادسة: به يحذر المسلم من الإصرار على صغائر الذنوب:

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ» .




تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض