"رجلان
خلفها"
الدرس الرابع من: "قصة وموعظة" عنوانه:
"رجلان خلفها". المعنى الذي أتحدث عنه هو حفظ الله تعالى لعباده
الصالحين، كيف أن الله تعالى هو خير الحافظين! وكيف أن الله تعالى هو خير الراحمي!
قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ(11)} [الرعد].
سيدور كلامنا وحديثنا حول هذا المعنى، كانت هناك
فتاة مصرية مسلمة تعيش في "لندن"، وتأخّرت في عملٍ لها إلى وقتٍ متأخّرٍ
من الليل، ولم يكن أمامها من تصرف سوى أن تركب المترو الأرضي، ومرحلة النزول إلى
المترو الأرضي غير مؤمّنة، يموت فيها كثيرون، وبينما كانت نازلة فاستجمعت مشاهد من
قبل سمعتها، وشاهدتها في الصحف والإعلام، وخشيت أن ينالها ما نال الناس، فأخذت
تقرأ القرآن الكريم وآية الكرسي والمعوذتين والفاتحة، وهكذا.. حتى نزلت إلى أرضية
المترو، فإذا بها تشاهد رجلًا ضخما تبدو عليه علامات الإجرام، والمكان فارغ تمامًا
ليس فيه أحد، فإذا بها تراه من بعيد متجسمًا شيطانًا رجيمًا، وأدركتها عناية الله
تعالى عندما وصل المترو فركبت، والحمد لله رب العالمين وصلت إلى مرادها ومكانها.
وفي اليوم التالي سمعتْ أن هناك جريمة قد حدثت في
نفس المكان بعد خمس دقائق من مغادرتها له، فذهبت إلى قسم الشرطة كي تبلّغ عن هذا
الرجل، فإذا بهم أمسكوا هذا القاتل فعلًا فقالت له: هل تعرفني؟ فقال لها: لا أتذكر،
فذكرته بنفسها فتذكر، واستأذنت البنت الشرطة أن تسأله سؤالًا: "لماذا لم
تقتلني أنا، وقتلت التي جاءت بعدي؟"
قال الرجل المجرم: "كيف أقتلك، وكان خلفك رجلان
ضخمان يحفظانك؟" هذا معنى القصة "رجلان خلفها".
انظر إلى كرم الله تعالى وحفظه، بنت مسلمة عربية
كانت في مكان، وليس معها أحد لا ينتظرها سوى القتل، فاستعانت بالله تعالى، فأيدها
الله تعالى بملكين كانا خلفها، فقال المجرم: لقد رأيت خلفك رجلين ضخمين كبيرين،
فكيف لي أن أقتلك وهما خلفك؟
هذه نماذج
من حفظ الله تعالى لأمة الإسلام، لا تحسبن الله تعالى غافلا عنك خاصة عندما تشتدّ
عليك الأيام، أو عندما تكون في مواقف عصيبة، أو عندما يشتدّ عليك الظلام، وأنت في
طريق حالك بعيد، كما كان يحدث معنا ونحن صغار وشباب، ربما يتأخّر أحدنا فيعود من
سفر طويل في مكان مظلم، ولكن يستشعر بالأمان، وأن الملائكة عليهم السلام تحيط به،
هذه حقيقة جميلة، أرسل الله تعالى لهذه الفتاة ملكين يحفظانها من هذا المجرم القاتل
السفاح.
ولا تزال عناية الله تعالى مع أمة الإسلام منذ بعث
النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ
يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا(40)} [التوبة:40].
إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا حافظنا، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا
ناصرنا ومؤيدنا، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا يشملنا بحفظه ورعايته، إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا يحبط عنا نظرات الشياطين، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا يبعد عنا كل الآلام
والمآسي، الله تعالى معنا لن يخذلنا، ولن يتركنا وحدنا.