وإن
عليكم لحافظين
جعل الله الناس فريقين، فريقًا
وفقهم للهداية إلى الصراط المستقيم، وفريقًا وجبت عليهم الضلالة عن الطريق
المستقيم، إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله، فأطاعوهم جهلًا منهم وظنًّا أنهم
قد سلكوا سبيل الهداية.
كل واحد منا عليه حافظ، والكافر عليه حافظ، لأنه نفس، والله
لم يقل كل نفس مسلمة، ولما مرت جنازة أمام رسول الله
صلى الله عليه وسلم فذمها وسبها الناس، قام لها رسول
الله صلى الله عليه وسلم، قالوا لماذا تقوم لها يا رسول الله إنه يهودي؟ قال صلى
الله عليه وسلم "أليست نفسًا"، فقالوا: بلى يا رسول الله، قال فإن الله
كرم بني آدم، لأنه أخذ عليه الميثاق، قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي
آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ
بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا
كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}(الأعراف:172).
واذكر أيها النبي إذ استخرج ربك أولاد آدم من أصلاب
آبائهم، وقررهم بتوحيده بما أودعه في فطرهم من أنه ربهم وخالقهم ومليكهم، فأقروا
له بذلك، خشية أن ينكروا يوم القيامة، فلا يقروا بشيء فيه، ويزعموا أن حجة الله ما
قامت عليهم، ولا عندهم علم بها، بل كانوا عنها غافلين.
قال تعالى:{إِن
كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (الطارق:4)، ما كل نفس إلا أوكل بها ملك
رقيب يحفظ عليها أعمالها لتحاسب عليها يوم القيامة، ورغم المعاصي الصاعدة إلى
السماء يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، إنه كان حليمًا غفورًا، كما جاء
في قوله تعالى {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا
وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ
حَلِيمًا غَفُورًا} (فاطر:41).
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا عن مكانهما، ولئن
زالت السموات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعده.. إن الله كان حليمًا
في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة، غفورًا لمن تاب من ذنبه ورجع إليه.