رحلة الراشد (75) التعزيرات التأديبية لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم هذا درس يميل عليه الجانب الفقهي التعليمي التربوي. التعزيرات التأديبية: هي اجتهاد الحاكم فيما لم يرد به نص أو ورد به نص يستأنس به. ولكن إذا كان الموضوع معروفًا لدى عامة المسلمين فلا مجال للاجتهاد. مثلا: كيف تعامل الخليفة الراشد مع المرتدين؟ في كل عصر يظهر ملاحدة لا مشكلة، من العرب أو الموالي الذين دخلوا في الإسلام، ثم لم يعجبهم الإسلام فارتدوا إلى دينهم أو إلى الكفر. عندنا نص أو نصوص من بدل دينه فاقتلوه بيستتاب ويستمهل ثلاث أيام فإن أصر على كفره بيقتل، وهكذا فعل الصديق رضي الله عنه مع المرتدين في حروب الردة، وهي أخطر حروب خاضها الإسلام بلا منازع، ولو أن الإسلام يسمح بالمرتدين بأن يرتدوا دون عقوبة ما عاقبهم الصديق لكنه ظل 6 أشهر كاملة يحاربهم بنفسه حتى قتل من قتل ممن أصروا على الكفر، أو أصروا على ادعاء النبوة، وحتى تاب من تاب بعد أن أمهلهم 3 أيام وربما أكثر من هذا. إذن، إذا وجدنا نصا فلا مجال للاجتهاد رغم أن اجتهاد الحاكم مقبول شرعا، يعني الحاكم المسلم له الحق أن يجتهد في 3 أبواب: الباب الأول: سد الذرائع، الباب الثاني: المصالح المرسلة، الباب الثالث: مصلحة المسلمين العامة فيما لم يرد فيه نص. إذا صح النص فهو مذهبنا جميعا. وسنقدم لكم بعضا من التعذيرات العمرية التي فعلها اجتهادا: شاهد الزور: أتى مجموعة من الناس فشهدوا على رجل أنه لا يصلي وأنه لا يصوم رمضان وأنه يشرب المنكر فوافقهم على هذا، ثم قالوا: إنه يبقى على جنابة فاعترض، ثم قالوا أنه يأتي أهله وهي حائضة، فاعترض، يعني كيف تحكمون على أمور خاصة وشخصية؟ فاعتبرهم شاهدي زور، فأرسلهم إلى القاضي وأمر بجلدهم 20 جلدة كانوا أربعة، وفي واقعة أخرى جيء له بشاهد زور فأمر بجلده 70 جلدة، يا سلام!. وفي مرة ثالثة جيء له بشاهد زور فأمر له بأربعين جلدة، يعني ايه؟ يعني العقوبة علىى قدر الإسراف في المعصية، يعني إذن عقوبة شهادة الزور ما بين 20 جلدة إلى 70 جلدة حسب الحالة التي يستند عليها، وقد استند (اسمع) إلى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب شاهد الزور أربعين جلدة. فهذا نص يعتبر به، ولك أن تسأل إذا كان سيدنا عمر ضرب شاهد الزور أربعين لماذا هو بالغ بالضرب إلى السبعين؟ دا سؤال مهم جدا. أولا: لأن شاهد الزور يقلب الحقائق، لأن شاهد الزور خائن للأمانة والكلمة أمانة، لأن شاهد الزور يؤدي إلى ظلم الأبرياء، بل لم يكتفي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بجلده أربعين ستين أو سبعين أو حسب المصيبة اللي فعلها، ولكنه زاد على هذا أمرًا، أنه يطاف به، يطاف به يعني بيركب حمارة ويدور في البلدة ويقال فلان فلان فلان شاهد زور فلا تقبلوا له شهادة، وطبعا دي تعرية وأخطر من الضرب، يعني انت اضربني ألف جلدة دون أن يراني أحد لا مشكلة، ولكن أن تعريني أمام الناس فتلك مصيبة كبيرة، لماذا يفعل هذا؟ ليه؟ بحيث أنه من أمن العقاب أساء الأدب، لما الناس كلها تعرف أن شاهد الزور بيجلد سبعين أو أربعين ويطاف به هذا درس كبير في حد ذاته أن شاهد الزور لابد أن يتوب إلى الله تعالى توبة عاجلة حتى تقل الآثام في المجتمع وهذا ما حدث، يعني هو إذا كان فعل هذا مع واحد أو اتنين فهذا الأمر انتهى طوال الخلافة، لم يكرره أحد.