درس القيام "أصحاب المناقب" 21 لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الرئيسية المقالات مقالات دينية

درس القيام "أصحاب المناقب" 21 لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي


أصحاب المناقب، الدرس الحادي والعشرون.

الليلة نلتقي مع عالم فذ، حير من أتى بعده؛ لأنه كن قمة في التألق الفكري، والحضاري، وصاحب منهج كبير في التعليم، وفي التربية، هو الإمام المربي، والإمام الفلسفي، والذي نور الله تعالى له قلبه، الإمام أبو حامد الغزالي، اختلف الناس حوله ما بين معظم لعلمه، وما بين قادح في فكره.

هناك من ذموه، وأنكروا عليه، وحرقوا مؤلفاته، وهناك من قال: من لم يقرأ مؤلفات أبي حامد الغزالي فلم يكتمل إسلامه، ومنهم من قال: من قرأ مؤلفات الغزالي ضاع إسلامه.

كثير من الناس البسطاء لم يقدروا علمه، وحكموا عليه دون أن يقرأوا له.

ودائما أصحاب العقول الضعيفة لا يعجبهم اصحاب الأهرامات العالية، فالأقزام يحبون الأقزام الذين مثلهم.

للأسف هذا المنهج الذي ابتلي به العلماء في بلادنا، فجرح في علمهم، وانتقدت مذاهبهم وطالتهم السهام الضالة.

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم.

يقول: كنت أشب على العلم، وأقرأ وأرتقي، فأردت أن آخذ مذهبا أسير عليه، فكلما قرأت في مذهب لا أستريح له، فظللت أبحث بنفس تواقة إلى العلم، حتى شككت في إيماني، وبعض الناس يقولون أنه ألحد.

فخشيت على نفسي من الضلال فارتقيت إلى مئذنة في  دمشق، فاعتكفت فيها أربعين ليلة وظللت أناجي، وفي الليلة الأربعين فإذا بالنور يقذف في قلبي.

ولما شفى الله صدره، وأذهب غليله نزل إلى الحياة بقلب غير قلبه، وبوجه غير وجهه، وبلسان غير لسانه، فألف كتاب "تهافت الفلاسفة" فلم يعجب الكتاب بعض الناس، فألف "تهافت التهافت" فلم يعجب الناس، فألف "تهافت التهافت التهافت".

كتاب إحياء علوم الدين، عبارة عن فتوحات ربانية عجيبة، يتكلم في كل باب بكلام لم يقله أحد من قبله.

الإمامية أن يتكلم الإمام بكلام جديد على مسامع الناس، ولذا أتعبوا من أتى بعدهم، وكلما تألق نجم الإمام أبي حامد، كثر قاذفوه.

الأقزام لا يلقي إليهم أحد بالحجارة، لأنهم في مستوى الناس أو أقل منهم، أما الثريا فإنه يلقى بالحجارة لأنه في كبد السماء.

كتاب إحياء علوم الدين، قال عنه محبوه: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء.

قد تختلف معه في بعض النقاط الفنية، لأنك لم تصل إلى مستواه العلمي، فلكي نحكم على الناس لا بد أن نصل إلى المرتبة العلمية التي وصلوا إليها.

بعض مدعي السلفية كفروا الإمام أبي حامد ظلما وبهتانا.

هناك من قال: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء، لمن شربوا علومه، وتفيَّأوا ظلاله.

لم يقتصر تأليف الغزالي على هذه المؤلفات، على الرغم أن العلماء قالوا: لو كتب الإحياء فقط لكفاه.

هذه الدرر لا تأتي بأي أحد لكي يحكم عليها، فهذه الدرر تحتاج إلى علماء كبار اسمم: علماء السلوك، علماء التربية، علماء الأخلاق.

أول رسالة في التربية في مصر المحروسة، كانت عند الإمام أبي حامد الغزالي.

 لم يقتصر جهد أبي حامد على الإحياء فقط، ولكن ما من مسألة فقهية وما من علم وما من أدب إلا كتب فيه مؤلفات عظيمة، حتى حظيت المكتبة العربية بمئات الكتب من مؤلفات أبي حامد الغزالي.

هؤلاء الناس لا ينامون إلا قليلا.

إن أجمل ما في الحياة الأنس بالله، اجلس مع الله ساعة في اليوم.

العلماء المؤيدون أمثال أبي حامد يأتون في عصور عاصفة مليئة بالظلام.

يأتون في عصور قل فيها الإبداع الفكري، والتألُّق الحضاري.

الحلاوة في الصلاة، والحلاوة في اللوة مع الهل، والحلاوة في ذكر الله، فإذا لم تجد نفسك في هذه الثلاثة فابحث عن قلب غير قلبك.

يقول أبو حامجد: وجدتك تتوضأ كل يوم خمس مورات، تغسل أعضاءك ولكن الأولى بالغسيل غسيل القلب، ختى يستقبل الأنوار، فلما أتى النور إلى قلبك وجده مغلقا وعليه أقفال، فقال لك: انزع هذا الغلف، ابحث عن معلم رباني، ابحث عن رفيق صالح.

أراد الله تعالى لهذا الإحياء أن يستمرَّ فظهر مئات العلماء عملهم تلخيص الإحياء.

اللهم علمنا علما ينفعنا، اللهم نورنا ونور بنا، وأسعدنا وأسعد بنا، اجعل في قلوبنا نورا.

 

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض