تدرج التشريع في تحريم الخمر

الرئيسية المقالات مقالات دينية

تدرج التشريع في تحريم الخمر

تدرج التشريع في تحريم الخمر

قلت له وسألته: أيها الملحد ماذا كانت تمثل الخمر عند العرب؟ فقال: كانت الخمر حياتهم وعليها اقتصادهم، فقلت له: لو أنَّ القرآن نَزلَ أَوَلَ ما نَزَلَ في أول عام بُعث فيه النبي، فقال عن الخمر: (فاجتنبوه)، فماذا سيكون ردّ فعل العرب؟

رد الملحد قائلا: سيكون الوضع صعبا؛ فهي مسألة قاتلة بالنسبة لهم؛ لأنها حياتهم، فقلت له: هل من الممكن أن تدلني على ما كان يريد النبي والإسلام؟

فقال لي: إنهما كانا يريدان منع الخمور، فكان هذا هو المطلوب، فقلت له: ومن هنا اتبع الإسلام نمط التدريج في الأحكام موافقة لحالة البشر، فلم يمنع الخمر مرة واحدة وإنما بالتدريج؛ فيُوضح لهم مرة أن الخمر والميسر فيهما ضرر، ثم يبين لهم في مرة أخرى أنهم إذا أتوا الصلاة لا يشربون الخمر، وهكذا حتى يستقرّ الإيمان في قلوبهم، فيقول لهم: (فاجتنبوه) وهذا يا صديقي الملحد معنى تبديل الله.

ومن هنا فإن السؤال: من الذي بدّل؟ والإجابة هي الله، ولماذا بدل؟ والإجابة هي: مراعاة للمصلحة، فالله تعالى أعلم بمصلحة العباد، وبظروف العباد، وبنفسية العباد فيأتي بما يتناسب مع العباد.

 أحبابي الكرام، إننا إذا بدّلنا آية مكان آية، فإن هذا الكلام عندنا في الشريعة الإسلامية اسمه علم النسخ يعني نلغي الحكم ونلغيه، ونأتي بحكم آخر، موافق للطبيعة العباد وموافق للفترة الزمنية التي يعيشون فيها، يقول تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]؛ فالنسخ عبارة عن إبطال حكم سابق بحكم لاحق؛ لحكمة تشريعية أرادها الله تعالى.

معنى الحكمة التشريعية

سألني الملحد: ما معنى حكمة تشريعية؟

قلت له: يعني مثلا أن يخفف الله تعالى عن العباد في أمر من الأمور، فقال لي  الملحد: ولماذا لم يخفف عنهم في أول التشريع؟ قلت له: اعلم صديقي الملحد أنَّ ذلك مرتبط بطبيعة ومقتضيات الفترة الزمنية التي يعيشها الناس، فقال تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا } [الأنفال: 66].

 فإذا بالملحد يقول لي: ألم يكن الله يعلم من البداية أنَّ فيهم ضعفا؟ فقلت له: الله كان يعلم، ولكن القرآن يتنزل في ظروف معينة، ولو نزل القرآن الكريم مرة واحدة، كما نزلت التوراة والإنجيل مرة واحدة ما كان هناك تغير في القرآن الكريم هو نزل على مدى ثلاث وعشرين سنة، لماذا؟ لمراعاة الجانب النفسي.

 كان المسلمون يصلون في قبلتهم إلى بيت المقدس كنوع من المهادنة مع اليهود، وبعد هذا اليهود لم يجدِ معهم شيء، فأمرهم الله تعالى بالصلاة إلى الكعبة، فهل هذا يعدّ تناقضا -يا صديقي الملحد- أم أنه من باب مرعاة الظروف والمرحلة التاريخية التي كان عليها الناس؟! وصمت الملحد، وأقرَّ بذنبه والحمد لله رب العالمين.

 

 

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض