الجبار
هو اسم من أسماء الله تعالى الحسنى الذي يدل على أنه سبحانه وتعالى له العظمة والجبروت، والعزة والملكوت، وأنه يجبر الخلق وينفذ المشيئة فيهم على ما أراد من أمره ونهيه، فهو الذي يجبر الضعيف، وكل قلب منكسر لأجله، فيجبر الكسير، ويغني الفقير، وييسر على المعسر كل عسير، ويجبر المصاب بتوفيقه للثبات والصبر، ويعوضه على مصابه أعظم الأجر إذا قام بواجبها، ويجبر جبرًا خاصًّا قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله، وقلوب المحبين بما يفيض عليهم أنواع كراماته، وأصناف المعارف والأحوال الإيمانية، وهو القهار لكل شيء، وهو المتفرد بعلو مرتبته، ويخضع لعظمته كل شيء، وهو العلي على كل شيء، وهو المتكبر على كل سوء ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له مسمى أو شريك في خصائصه .
وجاءت كلمة الجبار في قوله – تعالى -: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُون}[الحشر:23].
ويختص هذا الاسم بعدة خواص:
الأولى: أن الجبار هو الذي تنفذ مشيئته على سبيل الإجبار في كل أحد، ولا تنفذ فيه مشيئة أحد .
الثانية: أن الجبار هو المصلح أمور خلقه، المصرفهم فيما فيه صلاحهم.
الثالثة: أن الجبار هو الذي جبر الخلائق على ما يشاء.
الرابعة: أن الجبار هو الذي لا تليق الجبرية إلا له، ولا التكبر إلا لعظمته.
انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى الجبار، وآمنت له حق الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:
الأولى: يدفع بالمسلم إلى الخوف من الله عز وجل، والاستعداد للقائه:
قال – تعالى -: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد}[البروج:12].
وقال – تعالى -: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد}[هود:102].
وعن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل - قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل، أمسافة الأرض، أم الميل الذي تكتحل به العين - قال: فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه» .
الثانية: يدفع بالمسلم إلى كظم الغيظ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ جَرْعَةً أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى» .
الثالثة: يساعد المسلم في الأخذ على أيدي السفهاء:
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ».
الرابعة: يدفع بالمسلم إلى نصرة المظلوم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالمًا ؟ قال: تأخذ فوق يديه».
الخامسة: يدفع بالمسلم إلى تملك نفسه عند الغضب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: " لا تغضب "، فردَّد مراراً، قال: " لا تغضب»
السادسة: يقوي عند المسلم الصبر ويلزمه السماحة:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُّ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» .