انعكاسات وتجليات اسم الله المهيمن في حياة المسلم :
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى المهيمن، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد منها:
الأولى: يجعل المسلم على استقامة دائمة:
قال – تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُون * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُون * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيم} [فُصِّلَت:30 - 32].
وعن أبي عمرو سفيان بن عبدالله الثقفي، رضي الله عنه قال: قلت: " يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا، لا أسأل عنه أحدًا غيرك " . قال: قل آمنت بالله، ثم استقم» .
إن حقيقة الاستقامة، أن يحافظ العبد على الفطرة التي فطره الله عليها، فلا يحجب نورها بالمعاصي والشهوات، مستمسكًا بحبل الله، كما قال ابن رجب رحمه الله: " والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها: الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها "، وهو بذلك يشير إلى قوله تعالى :{ فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} [الروم: 30].
الثانية: يجعل المسلم في مجاهدة مستمرة:
قال – تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين}[العنكبوت:69].
وروي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، واذا اصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا، ولكن قل، قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان»( ).
الثالثة: يجعل المسلم بعيدًا عن البدع ومحدثات الأمور:
قال – تعالى -: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}[الأنعام:153].
الرابعة: يجعل المسلم يفي تعاون دائم على البر والتقوى:
قال – تعالى –: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وقد اشتملت هده الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فيما بينهم بعضهم بعضا وفيما بينهم وبين ربهم .
الخامسة: يجعل المسلم دائمًا محافظًا على حقوق جاره:
قال – تعالى -: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا}[النساء:36].
وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» ( ).
السادسة: يجعل المسلم دائمًا حافظًا للسر:
قال – تعالى -: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا}[الإسراء:34].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: « هل منكم الرجل إذا أتى أهله؛ فأغلق عليه بابه، وألقى عليه ستره واستتر بستر الله؟ قالوا: نعم، قال: ثم يجلس بعد ذلك فيقول: فعلت كذا، فعلت كذا؛ فسكتوا، ثم أقبل على النساء؛ فقال: هل منكن من تحدث فسكتن؛ فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها، وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها، ويسمع كلامها فقالت: يا رسول الله، إنهم ليتحدثون وإنهن ليتحدثنه؛ فقال: هل تدرون مثل ذلك؟ إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانا فى السكة؛ فقضى منها حاجته، والناس ينظرون إليه ألا إن طيب الرجال ما ظهر ريحه، ولم يظهر لونه ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه، ولم يظهر ريحه ألا لا يفضين رجل إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة إلا إلى ولد أو والد».
السابعة: ينهى المسلم عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه:
قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم}[الحُجُرات:12].
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله عز وجل . المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ههنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه، وفيهما ولا تنافسوا، ولا تهاجروا، ولا تقاطعوا، إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) .