ومن علامات الإيمان أن تؤكد البيعة والعهد مع
الله تعالى، وأن تجدد النية في الطاعة، ففي طاعتك لربك عليك أن تقول: يا رب أنا في
خدمتك، أنا في طاعتك، القرآن الكريم يؤكد لك هذا المعنى {يَأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن
رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (الحديد:28)، يأيها الذين
آمنوا، امتثلوا أوامر الله، واجتنبوا نواهيه، وآمنوا برسوله، يؤتكم ضعفين من رحمته،
ويجعل لكم نورًا تهتدون به، ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور لعباده، رحيم بهم.
نحن آمنا يا رب، وقلت يأيها الذين آمنوا،
فشهدت لنا بالإيمان، ورغم هذا قلت {اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} (الحديد:28)، أي إن
التصديق بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتسليم بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتثبيت
بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واليقين في رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كل هذه من علامات الإيمان،
إننا في حاجة إلى أن نعرف أسرار هذه الآية {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل
لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (الحديد:28).
أي أعطاكم كفلين من رحمته على إيمانكم بالله
عز وجل وبرسوله، وعلى التقوى، لأجل هذا يحتاج الإيمان إلى أجنحة
تحلق به في الملأ الأعلى.
قال
تعالى:{وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ
صَبَّارٍ شَكُورٍ} (إبراهيم:5)، ولقد أرسلنا
موسى إلى بني إسرائيل وأيدناه بالمعجزات الدالة على صدقه، وأمرناه بأن يدعوهم إلى
الإيمان، ليخرجهم من الضلال إلى الهدى، ويذكرهم بنعم الله ونقمه في أيامه، إن في
هذا التذكير بها لدلالات لكل صبَّار على طاعة الله، وعن محارمه، وعلى أقداره، شكور
قائم بحقوق الله، يشكر الله على نعمه، وخصَّهم بذلك لأنهم هم الذين يعتبرون بها،
ولا يَغْفُلون عنها.
إذًا الإيمان 50% صبر،
و50% شكر، إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور، كما في قوله تعالى {تُؤْمِنُونَ بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (الصف:11).
أي تنجيكم من عذاب أليم بالإيمان والجهاد، ونحن
نقرأ من سورة النساء، فقاتل في سبيل الله، كل منا لا بد أن يقاتل، يقاتل الشيطان،
يقاتل النفس، يقاتل الهوى، يقاتل الظلم، يقاتل العدو، فقاتل في سبيل الله على
الإطلاق، فإن حيل بينك وبين أن تجبر الناس على القتال في سبيل الله فقد هون الله
عليك، قال تعالى:{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ
وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ
وَاللهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا) (النساء:84).
فجاهد أيها النبي في سبيل الله لإعلاء كلمته، لا
تلزم فعل غيرك ولا تؤاخذ به، وحُضَّ المؤمنين على القتال والجهاد، ورغِّبهم فيه،
لعل الله يمنع بك وبهم بأس الكافرين وشدتهم، والله تعالى أشد قوة وأعظم عقوبة
للكافرين.
أي ذكر الناس بالله، ذكر الناس بأنه ما من أمة
أعطاها الله تعالى فرض الجهاد، فالجهاد فرض، فتكاسلت عن هذ الفرض إلا أصابها الله
تعالى بخزي في الدنيا وندامة يوم القيامة، هذا كلام الحبيب صلى الله عليه وسلم،
فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين الذين يعلمون قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم من مات ولم يجاهد، أو حتى لم يحدث نفسه بالجهاد في سبيل الله مات على شعبة من
شعب النفاق، والذي يشمت في المجاهدين، ويقول: لماذا يحاربون الأعداء؟ خير لهم أن
يجلسوا في بيوتهم ويرضون بما يقدمه الأعداء لهم، هذا شامت بالله وشامت برسول الله صلى الله عليه
وسلم، لم؟ لأن الذي يجاهد يقيم شرع الله العدل، فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا
نفسك، وحرض المؤمنين، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا، الكافر لا يكف بأسه إذا
وجد أمة متخاذلة، إنما يكف بأسه عندما يجد
أمة مجاهدة مقاتلة تقاتل باسم الله.