الواسع

الواسع
هو اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الواسع بفضله وصفاته الحميدة، وأنه تعالى يسع خلقه كلهم بالكفاية والجود والإفضال، لا يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، واسع العظمة والسلطان، واسع المغفرة، واسع الحكمة واسع الرحمة، واسع الملك، وسع رزقه جميع خلقه، واسع الفضل والإحسان، لا حد لإحسانه، ولا نهاية لفضله وجوده وكرمه، وسع علمه كل شيء، أحاط بكل شيء علمًا، سبحانه لا ينتهي غناه، ولا تنفد عطاياه.
قال – تعالى -: { إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [ البقرة: 115].
وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [ النجم:32 ].
وقال الله – عز وجل -: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [ النساء: 130].
يختص هذا الاسم بعدة خواص:
الأولى: أن الواسع هو الكثير مقدوراته ومعلوماته واعتراف له بأنه لا يعجزه شيء، ولا يخفى عليه شيء، ورحمته وسعت كل شيء.
الثانية: أن الواسع هو الغني الذي وسع غناه مفاقر عباده، ووسع رزقه جميع خلقه.
الثالثة: أن الواسع هو الذي لا نهاية لسلطانه، ولا حد لإحسانه، فلا يحد غناه، ولا تنفد عطاياه، ولا يشغله معلوم عن معلوم، ولا شأن عن شأن.
الرابعة: أن الواسع هو الذي لا حدود لمدلول أسمائه وصفاته واسع العلم، واسع الرحمة، واسع المغفرة، واسع الملك، لا نهاية لبرهانه، ولا غاية لسلطانه.

انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله – تعالى – الواسع، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:
الأولى: يجعل المسلم واسع الصدر حليما رقيق القلب.
قال – تعالى -: { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [ الحجر: 85].
وقال الله – عز وجل -: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [ آل عمران: 134].
وقال – سبحانه -: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [ الشورى: 43].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ»
الثانية: يجعل المسلم شامل الرعاية لمن يعول:
عَنِ اِبْنِ عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ قَاْلَ: قَالَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم: " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ".
الثالثة: يدفع المسلم إلى التمسك بصفات عظيمة جليلة:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رَحِـمَ اللهُ رَجُلاً، سَمْـحاً إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَـرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» ( ).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأى مُعْسِراً قال لِفِتْيَانِـهِ: تَـجَاوَزُوا عَنْـهُ، لَعَلَّ اللهَ أنْ يَتَـجَاوَزَ عَنَّا، فَتَـجَاوَزَ اللهُ عَنْـهُ» .
وعنْ عَطَاءَ بْنِ فَرُّوخَ مَوْلَى الْقُرَشِيِّينَ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ أَرْضاً فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ مَا مَنَعَكَ مِنْ قَبْضِ مَالِكَ قَالَ: إِنَّك غَبَنْتَنِى فَمَا أَلْقَى مِنَ النَّاسِ أَحَداً إِلاَّ وَهُوَ يَلُومُنِى . قَالَ أَوَذَلِكَ يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ . قَالَ فَاخْتَرْ بَيْنَ أَرْضِكَ وَمَالِكَ . ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ رَجُلاً كَانَ سَهْلاً مُشْتَرِياً وَبَائِعاً وَقَاضِياً وَمُقْتَضِياً ».
الرابعة: يجعل المسلم خلوقًا يسع الناس جميعًا بحسن أخلاقه:
عن جابر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون» قالوا: يا رسول الله، قد علمنا « الثرثارون والمتشدقون»، فما المتفيهقون ؟ قال: « المتكبرون »
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: « إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم » .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: « تقوى الله وحسن الخلق »، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: «الفم والفرج » .
الخامسة: يبعد المسلم عن الآفات المهلكة، ويدفع به سلامة الصدر:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ»، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ».
السادسة: يجعل المسلم في سعة من التواضع، بعيدًا عن الكبر والعجب والافتخار:
عِنْ عَيَاضِ بْنِ حِمَارٍ ـ رضي الله عنه ـ قَاْلَ: قَالَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ".



تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض