الفرح بعطاء
الله
المؤمن يفرح بما أعطاه الله تعالى من إيمان، لأن هذا
الإيمان هو الذي يملأ على الإنسان حياته، فلا يجد راحة ولا متعة ولا أنسًا ولا
سكينة إلا عندما يناجي ربه جل في علاه، قال تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس:58)، والمعنى: قل
أيها الرسول لجميع الناس: بفضل الله وبرحمته، وهو ما جاءهم من الله من الهدى ودين
الحق، وهو الإسلام، فبذلك فليفرحوا، فإن الإسلام الذي دعاهم الله إليه، والقرآن
الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها
من الزهرة الفانية الذاهبة.
عندما يقابلك أحد الناس ويعطيك شيئًا تأكله أو يعطيك أموالًا،
فإنك تأكل هذا الطعام أو تنفق هذه الأموال، ولكن عندما يقابلك ويذكرك بالله تعالى،
فيقول لك مثلًا {إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} (الإنسان:10) إنا نخاف من
ربنا يومًا شديدًا تعبس فيه الوجوه، وتتقطبُ فيه الجباه من فظاعة أمره وشدة هوله..
ما النتيجة يا رب؟ {فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ
نَضْرَةً وَسُرُورًا} (الإنسان:11)، فوقاهم الله
من شدائد ذلك اليوم، وأعطاهم حسنًا ونورًا في وجوههم، وبهجة وفرحًا في قلوبهم.. عندما
يصطفيك الله لعبادته فقد فزت ورب الكعبة.
هذا هو الفرح
بالله جل في علاه، كما جاء في قوله تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس:58)، أعظم وأجمل
شيء في الطاعة أن الله تعالى اختارك لها، وأنت جالس في المسجد تجلس في روضة من
رياض الجنة، والملائكة تشهد لك في الملأ الأعلى، كل هذه المنازل، وكل هذه الدرجات
عظيمة، وكافية في حد ذاتها، لكن هذه الطاعة تفتح لك أبوابًا أخرى من الطاعات، فإذا
رأيتم الرجل يفعل الحسنة فاعلموا أن لها أخوات.
الذي يذهب إلى
صلاة الفجر مبكرًا، هذه حسنة، لكن لها أخوات، ما أخواتها؟ قيام الليل، وقيام الليل
ما أخواته؟ صلاة العشاء، وصلاة العشاء ما أخواتها؟ صلاة المغرب، فالطاعة تجلب طاعة،
الإنسان إذا لم يؤد الطاعة فمعنى ذلك أنه فوت على نفسه فرصة إيمانية يذكر فيها في
الملأ الأعلى، يذكر فيها الإنسان عند الملائكة، يقال فلان بن فلان بن فلان يذكر
الله عز وجل في مكان كذا، فيشهد له الملأ الأعلى.