الفرح بالطاعة يقابله فرح
الله شوقًا للقاء الصالحين
كما يفرح المسلم بطاعة الله تعالى
في الدنيا، فإن الله تعالى يفرح به يوم القيامة، وكما أن المسلم يشتاق إلى لقاء
مولاه جل في علاه، فإن الله تعالى يشتاق إلى أن ينعم، وإلى أن يسعد عبده المؤمن، أي
فرح هذا؟ بأي شيء يفرح المسلم؟ إنه يفرح بأشياء كثيرة، وأول هذا الفرح بأن الله
تعالى جعل له {كِرَامًا كَاتِبِينَ} (الإنفطار:11)، كرامًا على الله، كاتبين لما وُكِّلوا
بإحصائه.
فى حالة الاحتضار فإن الملكين الكريمين يظهران لك في
أفضل هيئة، وفي أحسن صورة، فيقولان لك: أتدري من نحن؟ فتقول أنت: لا، فيقولان لك:
نحن الملكان الكريمان، جزاك الله عنا خيرًا، فقد أسمعتنا خيرًا وأخذتنا إلى أماكن
طيبة، جالسنا الصالحين، وذكرنا في الملأ الأعلى، فجزاك الله عنا خيرًا، ثم يصعدان
إلى السماء، وعندما يصعدان إلى السماء فإن الروح تتبعهما.
أما أهل المعاصي!
أما إذا كان الإنسان بخلاف هذا فيأتي له الملكان
الكريمان في أبشع صورة، أتدري من نحن؟ فيقول: لا، فيقولان له: نحن الملكان
الكريمان، لا جزاك الله عنا خيرًا، فقد أسمعتنا شرًّا، وأخذتنا إلى الأماكن
الخبيثة، وأجلستنا مع الخبثاء، فلا جزاك الله عنا خيرًا، ويصعد الملكان إلى السماء
ثم تصعد الروح.
الملكان الكريمان عندما يصعدان بالرجل الصالح لهما
مهمة بعد الموت، يقولان: يا رب مات عبدك
المؤمن، وأنت أعلم بهذا؟ والسموات ما فيها مكان إلا وفيه ملك راكع أو قائم أو ساجد،
فأين نذهب؟ فيقول الله تعالى لهما أقيما على قبر عبدي المؤمن، وماذا نفعل يا رب؟
تسبحاني وتحمداني وتكبراني وتستغفراني وتكتباني هذا لعبدي المؤمن حتى يلقاني
طاهرًا مطهرًا مغفورة له أوزاره، ليكون
الإنسان قد مات لكن عمله مستمر وفي زيادة {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس: 58)، أحسن فرحة يجدها
الإنسان في حياته أنه يجد نفسه في حالة إقبال على الله تعالى، يصلي وهو مستمتع
بالصلاة، ماذا يفعل؟ يصلي مرة أخرى، يصوم ويستمتع بالصوم، ماذا يفعل؟ يصوم مرة
أخرى، يقرأ قرآنًا، يشعر بالحلاوة، يقرأ مرة أخرى.