السواك من خصال الفطرة 

 والسواك من خصال الفطرة؛ لأن السواك - سلَّمك الله تعالى - يُنظِّف الأسنان والفم ويمنع الأمراض الكثيرة عن الإنسان، وقيل: إن السواك هذا يُعالِج أكثر من ثلاثين مرضًا، والسواك من الأراك، والأراك شجرة طيبة الرائحة كلها فوائد، وإذا غُمِر السواكُ في الماء لانَ، والسواك مع الماء معجزة، وإذا أخذنا الماءَ الذي نُقِع فيه السواك وشربناه كان شفاءً ونقاءً وعافيةً.
عدمَ الإسراف في الماء:
 وكان من هَدي النبي صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم، أنه علَّم أُمتَه عدمَ الإسراف في الماء ــــ سلَّمَك الله تعالى وأحبَّكَ وأذاقَنا الله تعالى وإياك حلاوةَ الإيمان ـــــ لأن الإسرافَ في الماء مهلَكةٌ؛ لأنه كما قلتُ لك: أعزُّ موجود وأغلى مفقود كما تعلمنا.
 وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستاك إشارة للجمع بين الماء والسواك في تنظيف الفم؛ لأن معظم الأمراض المعدية والمعوية والقولونية تأتي للإنسان عن طريق الفَمِ حين لا يكون نظيفًا أو رائحتُه سيئة ـــ سلَّمك الله تعالى ــــ أو حين لا يُنظِّف الإنسان أسنانَه فهذا يؤذي بطنَه ويُصيبها بالآلام والمغَص وما شابه ذلك.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيتَه بدأَ بالسواك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله. وقال عليه الصلاة والسلام: ((السواك مطهرةٌ للفم مَرضاةٌ للرَّبِّ)) واستاكَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم عند موته؛ (عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَ دَخَلَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاضْطَجَعَ فِي حِجْرِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخْضَرُ، قَالَتْ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ نَظَرًا عَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُحِبُّ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا السِّوَاكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغْتُهُ لَهُ حَتَّى أَلَنْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ. قَالَتْ: فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأَيْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ فَبَلَّهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ، وَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثْقُلُ فِي حِجْرِي، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ فَإِذَا بَصَرُهُ قَدْ شَخَصَ، وَهُوَ يَقُولُ: «بَلِ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ». فَقُلْتُ: خُيِّرْتَ فَاخْتَرْتَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، قَالَتْ: وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) .
وقد جاء في صحيح البخاري رحمه الله تعالى بَابُ السِّوَاكِ يَوْمَ الجُمُعَةِ  وفيه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ».
وعن أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ» 
وقال صلى الله عليه وسلم «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ، وَإِذَا أَتَى الخَلاَءَ فَلاَ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ» 
وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا رَثَّ الْهَيْئَةِ، وَقَالَ مَرَّةً: رَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ أَطْمَارٌ لَهُ يَعْنِي: خَلِقَ الثِّيَابِ قَالَ: فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: "هَلْ لَكَ شَيْءٌ؟".
 قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَكُلْ وَاشْرَبْ وَالْبَسْ وَتَصَدَّقْ فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا مَخِيلَةٍ، فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ" 
كل هذه الأحاديث مهمة جدًّا، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تُمثِّلُ وِقايةً عظيمةً لنا في جميع الأبواب، وفي جميع الأحوال، وفي جميع المواقع التي نُحِبُّ فيها أن نستأنِسَ بِهَديِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الأحباب الكرام، بالحب التقَينا وتعرَّفْنا على معلوماتٍ جديدة حول السواك، وحول غمس الأيدي في الماء، وحول استخدام الماء، وعدم الإسراف في الماء، وحول هديِ النبِي صلى الله عليه وسلم في النهي عن التنفس في الماء الذي يشرب منه الإنسان.
الأحباب الكرام: وقد أضفنا لكم معلومات جديدة عن صفة شراب النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى تفضيله الماء على غيره، وعلى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
أحبابنا الكرام {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
تعرفنا في هذا الدرس على هدي النبي صلى الله عليه وسلمفي الماء وفي التعامل مع الماء، ونتعرف في الدرس التالي على هديِ النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم في التَّطَيُّب.

---