هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الماء وفي التعامل مع الماءالحمد لله رب العالمين الحمد لله رب العالمين حمدًا يليق بجلاله وكماله،
والصلاة والسلام على خير المُبلِّغين عن رب العالمين وعلى آله وصحبه الطيبين،
وبعدُ،
الدرس الثاني
عشر أتحدث فيه عن "هديِ النبيِّ الكريم صلى الله عليه وسلم في الماء وفي
التعامل مع الماء" بالماء تدوم الحياةُ، وتنعَمُ العافيةُ والماء أعزُّ
موجودٍ وأعزُّ مفقودٍ والماءُ تتفتح به الأرضُ وتخرج منها الخيرات الطيبات من
الفواكه والخضروات.
وتحدث النبيُّ
صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر فقال: "
هُوَ
الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَالْحِلُّ مَيْتَتُهُ" أي إن الماء حتى لو كان مالحا فإنه طَهور وإن بدَا أو ظهَر ثقيلًا مُثقَلًا من
الصعب شُربُه واستساغتُه، وثُلُثا الكرةِ الأرضية من الماء، وسبعٌ وتسعون في المائة
من هذا الماء مالِحٌ, وثلاثةٌ في المئة من الماء عذبٌ فُراتٌ سلسبيل، والنجاسة
عندما تأتي الماءَ فإنها تُلوِّثُه - سلَّمكم الله تعالى وأحبكم - وتجعلُه غيرَ
طيِّبٍ، فلا يصحُّ الوضوءُ والاغتسالُ منه لوقوع النجاسة في بعضه، وعندما يَنجُسُ
الماءُ فإن قليلَه مِثلُ كثيرِه؛ فالنجاسة حينئذٍ تنتشِرُ فيه.
وبخصوص طهارة
الماء وكون الماء ينبغي أن يكون طاهرًا حتى يُستساغَ ويُستطابَ ويُتلذَّذَ به
وللحفاظ على كينونة الماء من الانحدار والزوال والفناء ولِعدمِ التلوُّثِ في
الماءِ؛ لأن بعضَه يُلوِّثُ الآخرَ؛ فإن النبيَّ الخاتَمَ صلى الله عليه وسلم نهَى
عن البولِ في الماء فقال: «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ
الَّذِي لاَ يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» الماء الدائمِ: الراكِدِ الذي لا يَجري.
أي: إنك لو
تخَيَّلتَ ماءً راكِدًا في إناءٍ أو في قناةٍ، أو في شيءٍ من هذا القبيل تبَوَّل
فيه أحدُهم فإن البوْلَ هذا يتفاعلُ ويأتي بالبكتريا المُمِيتة فإذا ما شرِب
الإنسان منه فإن هذا قد يدمر حياته بالكُلِّية، فنهَى صلى الله عليه وسلم عن البول
في الماء، خاصةً الماء الراكد، أما الماء العام الجارِي الذي يسرِي في البحار والأنهار
فإن التبول فيه ــــ سلمكم الله تعالى وأحبكم ــــ كمَن يُخرِجُ ريحًا, لا
يُعَكِّرُ صفوَه ولا جمالَ المكان.
وعن أبي هريرة
رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا
يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» فَقَالَ: كَيْفَ
يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يَتَنَاوَلُهُ تَنَاولًا» أي: لو وجدتَ ماءً راكدًا فلا ينبغي لك أن تَغتسِلَ فيه.
ونهَي رسولُ
الله صلى الله عليه وسلم أن يُبالَ في الماء الراكد،
ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن التخلِّي في طريق الناس أو في ظلهم؛ وعندنا
بابٌ في صحيح مُسلِم عُنوانُه: "النَّهْي عَنِ التَّخلِّي فِي الطُّرُقِ،
وَالظِّلَالِ" وفيه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا
اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ
النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» والتخلِّي: هو التَّبرُّزُ، ومثلًا الشجرة وراءها ظلٌّ ويتَفيَّأُ الناسُ في
ظلالها ظُهرًا، فلا يأتي إنسان خاصة من المسلمين لكي يقضي حاجتَه تحتها فإنه يمنع
بذلك عبادَ الله من خيرِ الله!.
وبذلك يتضح أن
المسلمَ ـــ سلمكم الله تعالى ــــ لا ينبغي له أن يُسيءَ استِخدامَ الأماكنِ
العامةِ، بل عليه الحفاظُ على ممتلكات المسلمين العامة خاصةً أن استخدامَ الإنسانِ
البولَ أو البُراز يُعَدُّ من أبوابِ الضرَرِ الكبير التي تلحَقُ به.
ونستنتج مما
سبق: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يحافِظُ على المكان؛ لئلا يتبوَّل فيه أحدٌ،
وألا يتبَرَّزَ فيه أحدٌ.
وكذلك نهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله
وصحبه عن تلوِيثِ الماءِ الطاهر. والماءُ الطاهر يُعدُّ بالنسبة لك غايةً ووسيلةً؛
فلا يجوز لأحدٍ - سلمكم الله تعالى - أن يَضَعَ في الماءِ ما يُغيِّرُ طعمَه أو ما
يُغيِّرُ لونَه، وفي هذا الصدد جاء في الحديث عند البخارِي ومسلم رضي الله عنهما:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا استيقظَ أحدُكُم من نومه فلا
يَغمِسْ يده في الإناء حتى يغسِلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يدُه" أي
إن الواحد منا حين يستيقظ من نومه لا يضعُ يدَه مباشرةً في الإناء، وإنما يأخذُ من
أطرافِ الماء لكي يغتسل، أو في العصر الحديث يستخدم الحنفيَّةَ مثلًا. ولكن لا
تقُم من النوم ثم تغمسُ يدَكَ في الماء؟ لماذا يا رسولَ الله؟ فقال صلى الله عليه
وسلم: "فإنه لا يدري أين باتت يدُه" أنت لا تدري ربما لامَسَتْ أعضاءَكَ
التناسُلِيَّة والجِنسية - سلمك الله - وهكذا مما لا يعلمُه إلا الله سبحانه
وتعالى.
ولذا فالحفاظ
على هذا الماء من أنك إذا غمستَ يدكَ فيه بعد استيقاظكَ من النوم ولا تدري ماذا
كان في يدِكَ -كالطفيليات غير المرئية - فربما يتنجَّسُ، وأنت لا تدري! ويأتي
غيرُك لينتفَعَ بهذا الماء فيُصابُ بالأذَى! أي: إن الحفاظ على الماء هو حفاظٌ على
صحة المسلمين.
ومِن هَدي
النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا السياق أنه كان يحب التيَمُّنَ أو التيامُن في
كل شيءٍ؛ لأن التيمُّن أو التيامُن يزيدُ في البركة، وكان النبيُّ صلى الله عليه
وسلم يحِبُّ التيَمُّنَ ما استطاعَ في شأنه كله، في طهوره وترَجُّلِه وتنعُّله؛
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي
طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ» بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله!.
وكانت يدُه
اليُمنى لطَهُورِه وطعامه صلى الله عليه وسلم؛ أي: إنه صلى الله عليه وسلم يوظف
يده اليمين للطهور والطعام، وكانت يدُه اليسرَى لخِلاله (أي: للاستنجاء) وما كان
به من أذى، يعني: لو وُجِدتْ وساخة في مكان ما بالجسم فإنه يمسحها باليد اليسرى.
وما كان به من أذى صلى الله عليه وسلم.
إذن النبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يستنجِي
بيده اليُسرَى، وليس بيده اليُمنَى.
وإذن في الحديث الأول: نهَى النبِيُّ صلى
الله عليه وسلم عن غَمسِ اليَدِ في الماء لمن استيقَظَ من نومه، فمَن وضع يده أو
يديه في الماء عقب استيقاظه دون أن ينظفهما جيدا أولًا فقد خالفَ السُّنَّةَ.
كذلك إن
النبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَتَيَمَّنُ في كل شيءٍ، وكان من تَيَمُّنِه صلى
الله عليه وسلَّمَ أنه يتَيَمَّنُ في الطعام وفي الأشياء المهمة، وكان صلى الله
عليه وسلم يُحِبُّ التيامُنَ في كل شيءٍ، فجعل يدَه اليُمنَى للطعام صلى الله عليه
وسلم فقد خصَّصها للطعام والطهور، أي للطعام والطهارة أي النظافة الشخصية بالوضوء؛
فيمسح ويغسل وجهه الشريف بيده اليمنى يبدأ بها في الوضوء وهكذا صلى الله عليه وسلم،
وأما يدُه اليُسرَى فكانت لخِلالِه أي: للاستنجاء أو تنظيف الأماكن التي علقت بها
النجاسة أو البول أو البراز.
الماء وخصال
الفطرة:
واستنشاقُ
الماء - ما دمت أتكلم عن الماء - أو المضمضة بالماء من خصائص وخصال الفطرة التي
وُلِدَ الناسُ عليها، وقد جعل الله تعالى خصال الفطرة عشرةً (الأشياء التي فُطِرَ
الناسُ كلُّهم عليها) ومنها: قصُّ الشارب - والختان –والسواك - واستنشاق الماء -
وقص الأظافر - وغسل البراجم، أي: عُقَدُ الأصابع بتدليك الأصابع جيدًا لإزالة كل
ما يعلق بها من وَسخ أو نحوه - ونتْفُ الإبِط أو حلقُها - وحَلقُ العانة أي
الشَّعرُ الكثيرُ الكثيف حول الأعضاء التناسلية - وانتقاصُ الماء أي: الاستنجاء -
والمضمضةُ).
لعلك لاحظْتَ
أنَّ الماءَ مهم جدًّا في كثير مما ذكرناه الآن، وعلَّمنا النبيُّ صلى الله عليه
وسلم أنه كان يتمضمضُ ثلاثًا، وكان يستنشقُ بالماء ثلاثًا صلى الله عليه وسلم.
الدرس الثاني عشر أتحدث فيه عن "هديِ النبيِّ الكريم صلى الله عليه وسلم في الماء وفي التعامل مع الماء" بالماء تدوم الحياةُ، وتنعَمُ العافيةُ والماء أعزُّ موجودٍ وأعزُّ مفقودٍ والماءُ تتفتح به الأرضُ وتخرج منها الخيرات الطيبات من الفواكه والخضروات.
وتحدث النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر فقال: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَالْحِلُّ مَيْتَتُهُ" أي إن الماء حتى لو كان مالحا فإنه طَهور وإن بدَا أو ظهَر ثقيلًا مُثقَلًا من الصعب شُربُه واستساغتُه، وثُلُثا الكرةِ الأرضية من الماء، وسبعٌ وتسعون في المائة من هذا الماء مالِحٌ, وثلاثةٌ في المئة من الماء عذبٌ فُراتٌ سلسبيل، والنجاسة عندما تأتي الماءَ فإنها تُلوِّثُه - سلَّمكم الله تعالى وأحبكم - وتجعلُه غيرَ طيِّبٍ، فلا يصحُّ الوضوءُ والاغتسالُ منه لوقوع النجاسة في بعضه، وعندما يَنجُسُ الماءُ فإن قليلَه مِثلُ كثيرِه؛ فالنجاسة حينئذٍ تنتشِرُ فيه.
أي: إنك لو تخَيَّلتَ ماءً راكِدًا في إناءٍ أو في قناةٍ، أو في شيءٍ من هذا القبيل تبَوَّل فيه أحدُهم فإن البوْلَ هذا يتفاعلُ ويأتي بالبكتريا المُمِيتة فإذا ما شرِب الإنسان منه فإن هذا قد يدمر حياته بالكُلِّية، فنهَى صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء، خاصةً الماء الراكد، أما الماء العام الجارِي الذي يسرِي في البحار والأنهار فإن التبول فيه ــــ سلمكم الله تعالى وأحبكم ــــ كمَن يُخرِجُ ريحًا, لا يُعَكِّرُ صفوَه ولا جمالَ المكان.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يَتَنَاوَلُهُ تَنَاولًا» أي: لو وجدتَ ماءً راكدًا فلا ينبغي لك أن تَغتسِلَ فيه.
ونهَي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُبالَ في الماء الراكد، ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن التخلِّي في طريق الناس أو في ظلهم؛ وعندنا بابٌ في صحيح مُسلِم عُنوانُه: "النَّهْي عَنِ التَّخلِّي فِي الطُّرُقِ، وَالظِّلَالِ" وفيه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» والتخلِّي: هو التَّبرُّزُ، ومثلًا الشجرة وراءها ظلٌّ ويتَفيَّأُ الناسُ في ظلالها ظُهرًا، فلا يأتي إنسان خاصة من المسلمين لكي يقضي حاجتَه تحتها فإنه يمنع بذلك عبادَ الله من خيرِ الله!.
وبذلك يتضح أن المسلمَ ـــ سلمكم الله تعالى ــــ لا ينبغي له أن يُسيءَ استِخدامَ الأماكنِ العامةِ، بل عليه الحفاظُ على ممتلكات المسلمين العامة خاصةً أن استخدامَ الإنسانِ البولَ أو البُراز يُعَدُّ من أبوابِ الضرَرِ الكبير التي تلحَقُ به.
ونستنتج مما سبق: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يحافِظُ على المكان؛ لئلا يتبوَّل فيه أحدٌ، وألا يتبَرَّزَ فيه أحدٌ.
وكذلك نهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه عن تلوِيثِ الماءِ الطاهر. والماءُ الطاهر يُعدُّ بالنسبة لك غايةً ووسيلةً؛ فلا يجوز لأحدٍ - سلمكم الله تعالى - أن يَضَعَ في الماءِ ما يُغيِّرُ طعمَه أو ما يُغيِّرُ لونَه، وفي هذا الصدد جاء في الحديث عند البخارِي ومسلم رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا استيقظَ أحدُكُم من نومه فلا يَغمِسْ يده في الإناء حتى يغسِلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يدُه" أي إن الواحد منا حين يستيقظ من نومه لا يضعُ يدَه مباشرةً في الإناء، وإنما يأخذُ من أطرافِ الماء لكي يغتسل، أو في العصر الحديث يستخدم الحنفيَّةَ مثلًا. ولكن لا تقُم من النوم ثم تغمسُ يدَكَ في الماء؟ لماذا يا رسولَ الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "فإنه لا يدري أين باتت يدُه" أنت لا تدري ربما لامَسَتْ أعضاءَكَ التناسُلِيَّة والجِنسية - سلمك الله - وهكذا مما لا يعلمُه إلا الله سبحانه وتعالى.
ولذا فالحفاظ على هذا الماء من أنك إذا غمستَ يدكَ فيه بعد استيقاظكَ من النوم ولا تدري ماذا كان في يدِكَ -كالطفيليات غير المرئية - فربما يتنجَّسُ، وأنت لا تدري! ويأتي غيرُك لينتفَعَ بهذا الماء فيُصابُ بالأذَى! أي: إن الحفاظ على الماء هو حفاظٌ على صحة المسلمين.
ومِن هَدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا السياق أنه كان يحب التيَمُّنَ أو التيامُن في كل شيءٍ؛ لأن التيمُّن أو التيامُن يزيدُ في البركة، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحِبُّ التيَمُّنَ ما استطاعَ في شأنه كله، في طهوره وترَجُّلِه وتنعُّله؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ» بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله!.
وكانت يدُه اليُمنى لطَهُورِه وطعامه صلى الله عليه وسلم؛ أي: إنه صلى الله عليه وسلم يوظف يده اليمين للطهور والطعام، وكانت يدُه اليسرَى لخِلاله (أي: للاستنجاء) وما كان به من أذى، يعني: لو وُجِدتْ وساخة في مكان ما بالجسم فإنه يمسحها باليد اليسرى. وما كان به من أذى صلى الله عليه وسلم.
إذن النبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يستنجِي بيده اليُسرَى، وليس بيده اليُمنَى.
وإذن في الحديث الأول: نهَى النبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن غَمسِ اليَدِ في الماء لمن استيقَظَ من نومه، فمَن وضع يده أو يديه في الماء عقب استيقاظه دون أن ينظفهما جيدا أولًا فقد خالفَ السُّنَّةَ.
كذلك إن النبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَتَيَمَّنُ في كل شيءٍ، وكان من تَيَمُّنِه صلى الله عليه وسلَّمَ أنه يتَيَمَّنُ في الطعام وفي الأشياء المهمة، وكان صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التيامُنَ في كل شيءٍ، فجعل يدَه اليُمنَى للطعام صلى الله عليه وسلم فقد خصَّصها للطعام والطهور، أي للطعام والطهارة أي النظافة الشخصية بالوضوء؛ فيمسح ويغسل وجهه الشريف بيده اليمنى يبدأ بها في الوضوء وهكذا صلى الله عليه وسلم، وأما يدُه اليُسرَى فكانت لخِلالِه أي: للاستنجاء أو تنظيف الأماكن التي علقت بها النجاسة أو البول أو البراز.
الماء وخصال الفطرة:
واستنشاقُ الماء - ما دمت أتكلم عن الماء - أو المضمضة بالماء من خصائص وخصال الفطرة التي وُلِدَ الناسُ عليها، وقد جعل الله تعالى خصال الفطرة عشرةً (الأشياء التي فُطِرَ الناسُ كلُّهم عليها) ومنها: قصُّ الشارب - والختان –والسواك - واستنشاق الماء - وقص الأظافر - وغسل البراجم، أي: عُقَدُ الأصابع بتدليك الأصابع جيدًا لإزالة كل ما يعلق بها من وَسخ أو نحوه - ونتْفُ الإبِط أو حلقُها - وحَلقُ العانة أي الشَّعرُ الكثيرُ الكثيف حول الأعضاء التناسلية - وانتقاصُ الماء أي: الاستنجاء - والمضمضةُ).
لعلك لاحظْتَ أنَّ الماءَ مهم جدًّا في كثير مما ذكرناه الآن، وعلَّمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يتمضمضُ ثلاثًا، وكان يستنشقُ بالماء ثلاثًا صلى الله عليه وسلم.