الإيمان
هو الذي يوجه العقل
أحبابي الكرام، إنَّ العقلَ أيها السادة
الكرام ما كان سيدا أبدا، وما كان العقل أعلى من الإيمان؛ لأن الإيمان هو الذي
يوجه العقل، وليس العقل هو الذي يوجه الإيمان.
أحبابي الكرام، بلغة واضحة لو كان العقل
سيدا حاكما فطنا ما احتاج البشر إلى الأنبياء.
الملحد يقول: إذن فإذا كان العقل يستنبط،
ويستشف ويستقرأ كما تقول أنت يا فضيلة الدكتور، ويصلك إلى حقيقة الإيمان، إذن فما
الداعي إلى وجود الأنبياء؟
فضيلة الدكتور يردّ على الملحد: أنا لم أقل
هذا، وإنما قلت أن عقول الناس تتفاوت في الفهم، والقرآن يقول:﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ
عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء:84]؛ فكل إنسان يتحرك بالقناعات، والإيمان الذي في
داخله.
فضيلة الدكتور يسأل: هل هناك عقل موحد على
مستوى العالم؟ يعني أنا من مصر وأنت من أيسلندا، وآخر من تركيا وآخر من فرنسا
وهكذا، فهل كلنا على قلب رجل واحد؟
الملحد: يسكت ولا يتكلم.
فضيلة الدكتور: لكن الجمع طوعا أو كرها هم
في حاجة إلى وجود إله؛ لأنَّ الذي يسير العقل هو الله وليس العقل من نفسه.
الملحد: اعطني مثالا يا دكتور.
فضيلة الدكتور: الأستاذ الذي أعطاك
الدكتوراه في الجامعة كان نابغة في الذكاء والذي أخذ جائزة نوبل، وهو أستاذ عالمي.
الملحد: جالس في بيته لا يميز بين الماء،
واللبن فقد أصابه الزهايمر.
فضيلة الدكتور: لكم الآن أن تتخيلوا -يا
أحبتي- أن هذا الأستاذ العالمي الذي أعطاه الدكتوراه، وقد تقدّم به السن تراجع،
وانتكس وأصبح عنه زهايمر، فعل العقل هنا حاكم عليه؟
الملحد: أتهزأ بي يا رجل؟
فضيلة الدكتور: لا والله أبدا وليس هذا من
طبعي، ولا أستخفّ بك أبدا، ولكني أسألك، هل العقل هنا حاكم على تصرفات أستاذك
العالمي؟.
الملحد: لا طبعا فهو بلا عقل، ولا يستطيع أن
يميّز بين أي شيء.
فضيلة الدكتور: وهل هذا العقل الذي يرتفع
تارة وينخفض تارة أخرى، وتارة يتأثر وهكذا، أيكون هذا العقل حاكما على وجود الله،
وأن هذا العقل يحكم على الله؟!
الملحد: هذه أسئلة غريبة، ولم أكن مذاكر
لها، وأنت تقدم لي حججا عظيمة لا أستطيع الرد عليها.
فضيلة الدكتور: يوضح أنَّ المناظرة التي
بينه، وبين الملحد تبين أنَّ العقل ليس على حالة ثبوتية واحدة، وسنسأل الملحد هذا
السؤال: هل عقل الطفل مثل عقل الشاب مثل عقل الشيخ مثل عقل الكهل مثل عقل المسن؟!
الملحد يجيب على فضيلة الدكتور، ويقول:
(لا)؛ وذلك لأن العقل له درجاته حساباته، وله تقدمه وله تأخره وهكذا.
