(آداب السفر)

(آداب السفر)
نظرا لما في السفر من مشقة وعناءٍ فقد خفف الله عن المسافرين بعض التكاليف- فأجاز لهم أن يقصروا في الصلاة، وأن يجمعوا بين صلاتين في وقت واحد- كما أجاز للمسافر أن يفطر في رمضان يوم السفر على أن يؤديه في غير رمضان، ورحمة بعباده المؤمنين. وسن للمسافرين آداباً نوجزها فيما يلي:
1- أن يتزود بالماء والطعام إذا كان السفر لمكان لا يتوفران فيه، وأن يتزود بالمال إذا كان السفر إلى مدينة وأن يتزود بالأدوات التي تساعده على إصلاح شـأنه كالمشط والمرآة وفرشاة الأسنان وغيرها- فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا سافر حمل معه خمسة أشياء: المرآة والمكحلة والمقراض والسواك والمشط. أخرجه الطبراني. تلك كان وسائلهم ومن المستحسن أن نتزود بما يُصلح شأننا من أدوات العصر.
2- أن يرد المظالم والأمانات إلى أصحابها- إن كان السفر طويلا- وأن يوصي أهله بخير وأن يوضح لهم ماله وما عليه من حقوق وأن يودع أهله وأقاربه وأصدقاءه، وأن يصلي صلاة الاستخارة فإذا عزم على السفر فليصل أربع ركعات سنة صلاة السفر- فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت سفراً وقد كتبت وصيتي فإلى أي الثلاثة أدفعها إلى إبني أم أخي أم أبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب الله من أربع ركعات يصليهن في بيته إذا شد عليه ثياب سفره يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثم يقول: اللهم إني أتقرب بهن إليك فاخلفني بهن في أهلي ومالي- فهي خليفته في أهله وماله وحرز حول داره حتى يرجع إلى أهله. أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق.
3- أن يرحل عن المنزل بكرة: فالسفر في أول النهار يساعد المسافر على إنجاز أعماله والعودة إلى أهله إن رغب العودة في اليوم نفسه- ففي الحديث عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)- حديث حسن. كما ثبت عنه صلى الله عليله وسلم أنه كان يبعث بتجارته وجيوشه وسراياه أول النهار وكان يحب السفر يوم الخميس.
4- يستحب للمسافرين أن يصطحب رفاقا في سفره يخففون عنه وحشة الغربة ويساعدونه حين الحاجة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده)- رواه البخاري. سيما إذا كان السفر على الدواب أو سيراً على الأقدام. وعن عم بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله عليه وسلم: (الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب)- حديث حسن رواه الترمذي والنسائي. ويسن للمسافرين معا: أن يُؤمِّروا أحدهم فذلك أدعى إلى انتظام أموهم وحسم خلافاتهم- ففي الحديث (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)- رواه أبو داود حيث حسن صحيح. يفضل لهم إذا باتوا في الخلاء أن يتناوبوا الحراسة.
5- إذا بدأ المسافر بركوب مركبته للسفر فليسم الله، وإذا استوى عليها فليكبر ثلاثا ثم يقول: سبحان من سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون- ثم يبدأ بدعاء السفر: (اللهم بك أصول وبك أجول وبك أسير اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا، وأطو عنا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهلي اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد. وإذا رجع قال وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون). مصداق ما ورد في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر مرفوعاً. وإذا ركب سفينة قال: بسم الله مجريها ومرسيها أن ربي لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون).
6- إذا كان السفر طويلا وواسطته السيارة أو الدواب وأراد المسافرون الراحة أو المبيت فيفضل لهم الابتعاد عن الطريق فإنها المارة والحيوانات- ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: (إذا عرَّستم فاجتنبوه الطريق، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل)- رواه مسلم. وعن جابر مرفوعا (إياكم والصلاة على جواد الطرق والنزول عليها فإنها مأوى الحيّات والسباع). ثم يدعو الله بهذا الدعاء: عن خولة بنت حكيم قالت: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك). رواه مسلم والترمذي في الموطأ.
7- يسن التكبير أثناء الصعود والتسبيح أثناء الهبوط ويندرج على الصعود والهبوط وفي الممطبات الهوائية في الطائرات- فعن جابر رضي الله عنه قال: (كنا إذا صعدنا كبَّرنا وإذا نزلنا سبَّحنا)- رواه البخاري في صحيحه. كما يسن الدعاء أثناء السفر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده)- حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي.
8- إذا قضى المسافر حاجته وغرضه من السفر فعليه الاستعجال في العودة إلى أهله وولده ليستأنف رعايته لهم وإشرافه على تربيتهم- فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجل إلى أهله)- متفق عليه.
9- يفضل للمسافر العائد إلى أهله أن يرتب سفره بحيث لا يصل إليهم في ساعة متأخرة من الليل بل يُفضل أن يدخل بيته في النهار بعد أن يصلح شأنه إلا إذا كان مضطرا- هذا بالنسبة لأهله فكيف إذا نزلنا ضيفا على آخرين فيجب أن لا يطرق بابهم بليل- فعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا طال أحدكم الغيبة فلا يطرقنَّ أهله ليلا) وفي رواية (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا)- متفق عليه. 10- يسن للمسافر حين وصوله من السفر أن يدخل أقرب مسجد إلى بيته ويصلي فيه ركعتين- فعن كعب ابن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين) متفق عليه.
11- إذا رجع المسافر إلى بلدته، فيسن أن يُحضر معه هدية من طعام أو متاع البلدة التي كان فيها فهو من السنة كما ورد في الاحياء- كما يسن له أن يدعو الله بقوله: (اللهم اجعل لنا فيها قرارا ورزقا حسنا).
12- كما يسن للمسافر إذا رأى قرية (غير قريته) يريد دخولها دعا بهذا الدعاء (فعن صهيب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا حين يراها اللهم رب السماوات السبع وما أظللن والأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذريْن أسألك خير هذه القرية وخير أهله وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها) كما ورد في سنن النسائي.
13- وداع المسافر: يسن تشيع المسافر إلى خارج البلدة والقول له (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ويقرأ عليه السلام) رواه الترمذي والنسائي من حديث ابن عمر- ثم يوصيه بتقوى الله والتكبير عند كل شرف (مرتفع). ويدعو له كذلك (اللهم اطوله البعد وهون عليه السفر)- رواه الترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ومن الأدعية للمسافر: (زودك الله بالتقوى وغفر ذنبك ويسَّر لك الخير حيثما كنت- أخرجه الترمذي والنسائي من حديث أنس. ويجيبه المسافر: (أستودعك الله الذ ي لا تضيع ودائعه)- رواه الطبراني من حديث أبي هريرة.
14- يَحُرمُ أن تسافر المرأة وحدها دون محرم- فعن ابن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقال له رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة، وإنني كتبت في غزوة كذا وكذا (يعني أنه سيذهب للجهاد) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك)- متفق عليه.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض