فهم نبي الله يعقوب لاسم
الله الحافظ
الله جل في علاه من أسمائه الحافظ، والحفيظ، والله خير
حافظًا، الذي يريد أن يحافظ على شيء فليدعه في جوار الله، رجل كانت معه عشرة آلاف
درهم، فقال: لا أجد أحفظ لها من الله، فتصدق بها جميعًا، وعندما احتاج إليها
ساقاها الله تعالى إليه، فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين، كما في قوله تعالى {قَالَ
هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ
فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف:64)، قال لهم أبوهم: كيف آمنكم على "بنيامين"، وقد أمنتكم على
أخيه يوسف من قبل، والتزمتم بحفظه فلم تفوا بذلك؟ فلا أثق بالتزامكم وحفظكم، ولكني
أثق بحفظ الله، خير الحافظين وأرحم الراحمين، وأرجو أن يرحمني فيحفظه ويرده عليَّ.
إنه حفيظ، إنه رحيم، حتى الكافر يحفظه الله تعالى، رغم
أنه كافر، فإن الله يحفظ هذا البدن، قال تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن
دُونِهِ أَولِيَاء اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} (الشورى:6)، والذين اتخذوا غير الله آلهة من دونه يتولَّونها،
ويعبدونها، الله تعالى يحفظ عليهم أفعالهم، ليجازيهم بها يوم القيامة، وما أنت
أيها الرسول بالوكيل عليهم بحفظ أعمالهم، إنما أنت منذر، فعليك البلاغ وعلينا
الحساب، حفيظ لهم وحفيظ عليهم، {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ
أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَّا
يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} (إبراهيم:18).
صفة أعمال الكفار في الدنيا، كالبر وصلة الأرحام،
كصفة رماد اشتدت به الريح في يوم ذي ريح شديدة، فلم تترك له أثرًا، فكذلك أعمالهم
لا يجدون منها ما ينفعهم عند الله، فقد أذهبها الكفر، كما أذهبت الريح
الرماد، ذلك السعي والعمل على غير أساس، هو الضلال البعيد عن الطريق المستقيم