مواجهة الانحراف الفكري والتحصين منه:

الرئيسية المقالات مقالات دينية

مواجهة الانحراف الفكري والتحصين منه:

مواجهة الانحراف الفكري والتحصين منه:

والتطرف هو مخالفة روح الإسلام، وذلك بالمغالاة في تطبيق تعاليم الدين الإسلامي، أو الدفاع عن فكر سياسي معين، بحيث لا يتقبل المتطرف من يخالفه الرأي، بل تصل إلى حد المحاربة.

ومن التطرف أيضًا الغلو في الدينوعدم تقبل التأويل أو الاجتهاد ، وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم خطورة الغلو :

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون»

المتنطعون هم المجاوزون الحد، المتعمقون الغالون في القول والفعل والفكر. فتوعدهم النبي عليه السلام بالهلاك وكررها ثلاثا للتأكيد، ولا أشد من هلاك الدين.

ومما ورد في السنة: ما رواه أحمد بإسناده عن عبد الرحمن بن شبل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به»

- وحديث ابن عباس رضي الله عنه قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته: ((القط لي حصى))، فلقطت له سبع حصيات هن حصى الحذف، فجعل ينفضهن في كفه ويقول: ((أمثال هؤلاء فارموا))، ثم قال: ((يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين))

وفي حديث أبي هريرة في البخاري مرفوعًا: ((لن ينجي أحدًا عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته، سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا))

ومن أسباب التطرف ونشوء المذاهب الانحرافية التي تؤثر على وحدة الأمة وأمنها:

1-الجهل بأحكام الشرائع السماوية وقلة البصيرة فيها، وهذا يؤدي إما على فهم زائد عن الواجب، وهو الغلو والإفراط، أو عكسه تفريط وغلو فيه عن الواجب.

2-التعصب الأعمى، والتقوقع على المعتقد القديم، تعصبًا يكون معه رد ما عند المخالف، ولو كان حقًّا، فيؤدي إلى ظهور مظاهر غير محمودة كالعنف في التعامل، والتزام التضييق على الناس مع قيام موجبات التسهيل ودواعيه، وأسبابه التيسير عليهم.

3-الاستقلالية في استنباط الأحكام الشرعية دون ضابط محدد، ومنهج حق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واللغة العربية، وفي الوقوف على الأدلة ودلالتها، وأقوال أهل الفقه والبصيرة فيها.

4-نقص أو انعدام التربية الحقيقية الإيمانية القائمة على مرتكزات ودعائم قوية من نصوص الوحي، واستبصار المصلحة العامة ودرء المفاسد الطارئة، وقلة إدراك عبر التاريخ ودروس الزمان وسنن الحياة في واقع الناس.

ولما كان الدين منزلًا من عند بارئ السماوات والأرض وما فيهما كان سبحانه أعلم بحدود البشر وإمكانياتهم، فشرع لهم ما يناسبهم، ويوافق قدراتهم؛ فجاء الإسلام دينا سمحًا سهلًا، دين يسر دفعت فيه المشقة بالقدرة والاستطاعة، كما قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[ البقرة: 286]، وإذا كان الدين الإسلامي بهذا الوضع، وكونه دين اعتدال وتوسط وقصد في كل شيء، علم أن الغلو فيه والزيادة على اعتداله، والتشدد في قصده ضلال عن هديه، وبعد عن مقاصده، وكذلك في التفريط والتهاون بأحكامه {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[ الأنعام: 53]، وقال سبحانه فيمن خالف صراطه المستقيم فحرم ما أحله الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[ المائدة: 87] فعد هذا الفعل من الاعتداء على شرع الله وحكمه وتقديره.

وتأتي مواجهة هذه الأفكار المنحرفة ببيان الصورة الصحيحة للدين الحنيف، وتبني خطاب يتخذ روح الإسلام المتسامحة وسيلة في بيان الحق، وتقبل الآخر، والحرص على هدايته ومحاروته بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق.

وتتجلى صورة الإسلام الصحيحة في أهم قيمة من قيمه، وهي التسامح والرفق والأخلاق، والحرص على النفع ومصالح العباد وتقبل الآخر وعدم بخسه حقه، ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في هذا الجانب.

فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك الحبشة يلعبون في المسجد؛ مُبيّناً مقصد سماحة الإسلام في ذلك.

أخرج الإمام أحمد في المسند بسندٍ جيّد من حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قالت : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : ((لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً ، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ))

 قال النووي: ((وكان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين وغيرهم، لتقوى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإسلام، ويتمكن الإيمان من قلوب المؤلفة، ويرغب غيرهم في الإسلام، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك، ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ولإظهارهم الإسلام، وقد أمر بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر))




تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض