الفرج
لا يأتي إلا بعد الشدة
فقلت لها: كان قادرا، ولكنَّ صور العذاب هذه
التي جرت عليهم تُمثل قدوةً وأسوةً حسنةً لمن سيأتون بعدهم -مثلا- عندما تُحاصر
غزة لثلاث سنوات ولا زالت محاصرة، نقول لهم: أبشروا يا أهل غزة سيأتي الفرج يومًا
ما، لماذا؟ لأن النبي نفسه - صلوات ربي وسلامه عليه - حُوصر في شِعابِ مكة ثلاث
سنوات لا ماء ولا طعام ولا شراب، وكانوا يأكلون أوراق الشجر اليابس حتى تقرَّحت
أشداقهم.
ألم
يكن الله تعالى قادرا -يا عزيزتي- على إنقاذهم؟ كان قادرا، ولكن تركهم يصبرون حتى
عندما يأتي النصر، ويخرجون من مكة، وهم معذبون ثم يعودون إليها فاتحين يعلمون أن
الفرج لا يأتي إلا بعد الشدة، فالولادة التي فيها طلق وفيها آهات وفيها عذاب نسمع
بعدها زغاريد وفرح؛ عندما يبكي الطفل مستقبلا الحياة وصعوبتها، ولولا تألم الأم
عند الطلق، وعند الولادة فإن الجنين لن يخرج، لكن المعاناة في تاريخ الناس، وفي
تاريخ البشر مقدمة للفرج، يقول تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ
مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ
قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
