مراحل التربية الحياتية بالعادة
أ- إزالة العادات السيئة:
بدأ الإسلام بإزالة العادات السيئة التي وجدها سائدة في البيئة العربية، واتخذ لذلك إحدى وسيلتين:
1- القطع الحاسم الفاصل، واستخدم هذه الوسيلة في العادات السيئة التي تتصل بالتصور والعقيدة فقد قطعها قطعًا حاسمًا، فقد واجه الإسلام الشرك بكل عاداته وتصوراته، من عبادة الأوثان وغير ذلك حيث لا يستقيم إيمان وشرك، والشيء نفسه فعله مع عادة مثل وأد البنات لم يكن يمكن مهادنتها، وهي تقوم على أساس غير إيماني، ولا إنساني، والخوف من الفقر – وهو الدافع الأول لوأد البنات – لا يجوز أن يخالط النفس المؤمنة المطمئنة إلى الله، ثم إنه ظلم لا يستقيم مع الحق، والشيء نفسه فعله الإسلام مع العادات النفسية من كذب وغيبة ونميمة وغمز ولمز وكبر كان لا بد من مواجهة كل ذلك مواجهة حاسمة.
2- أما العادات الاجتماعية مثل الرق والخمر فقد حاربها الإسلام عن طريق التدرج
ب – تأصيل العادات الحسنة وأحكام الإسلام في حياة المسلم:
1- التربية بالعادة في العبادات:
هناك دعوة متكررة في القرآن والسنة للمحافظة على العبادات وخاصة الصلاة، والمحافظة تعني المداومة حتى تتحول الصلاة إلى عبادة يشعر فيها العبد بالصلة بينه وبين ربه، وفي نفس الوقت تكون عادة المسلم وشعاره الذي لا يمكن أن يتخلى عنه، ولا يشعر في أدائها بأي تكليف ولا تعب ولا نصب .
قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238 ] .
وقال – تعالى -: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } [الأنعام: 92].
وعن أبي قتادة بن ربعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى-: ((إني فرضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي عهدًا أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي))( ).
فالنبي- صلى الله عليه وسلم – يبين في هذا الحديث أهمية المحافظة على الصلاة في وقتها المحدد حتى يتحول هذا الوقت إلى عادة دائمة في حياة المسلم لا يتأخر عنه، ويلاحظ أن الحديث لا يقتصر على أداء الصلوات الخمس فقط، بل أدائهن لوقتهن .
وفي حديث آخرعن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)) ( ).
ففي هذا الحديث يحض النبي – صلى الله عليه وسلم – على المحافظة على الوضوء حتى يصير عادة في حياة المسلم .
ونجد القرآن الكريم يقرن الزكاة دائمًا بالصلاة، وفي زكاة الزروع يقول القرآن: {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } [ الأنعام: 141 ] . فيربط القرآن الكريم بين يوم الحصاد وإخراج زكاة الزروع حتى يصير ذلك عادة عند المسلم، كل ذلك لتتحول العبادة إلى عبادة وعادة تعود عليها المسلم لا يستطيع أن يفارقها.