مثال على صاحب ضميرٍ ميت
 كان هناك مصور أمريكي أو أوروبي يعمل في السودان في أيام المجاعة واسمه "كيفن تتر" لا تنسوا هذا الاسم، عام 1994 كانت هناك مجاعة شديدة في الصومال في السودان فالتقط صورة لطفلة سودانية كانت تقف في طابور لتوزيع الطعام في بلاد المجاعات التي أقامته البلاد الغنية، وفجأة تقع هذه الطفلة من الإعياء والتعب وقلة الطعام وقعت على الأرض، ولم تقدر أن تكمل مسيرتها إلى المكان الذي يُتفضل فيه عليهم بالماء والطعام وغير هذا فوقعت ولم تتمكن من الذهاب إلى مركز التغذية القريب وجلست الطفلة الصغيرة الجائعة تنتظر الموت، تنتظر الموت.
 والله أنا لا أحب أن أُكملَ بصراحة، فالتقط لها صورة، وهي قابعة على الأرض ملتصقة بالأرض ولا تقدر أن تتحرك، وجلست تنتظر الموت وكان النسر قريب منها، النسر قريب منها ويوشك أن ينقض عليها حيث لاحظ النسر، وهو سريع الذكاء أنها في لحظات الموت، والمصور الغربي التقط الصورة وشاهد النسر يقترب منها، لكي ينهش لحمها ويفتت عظامها ويعجل بسكرات موتها والمصور الأمريكي أو الأوروبي ترك البنت تنتظر الموت وأخذ الكاميرا وصور الصورة للبنت للطفلة وهي تنتظر الموت كانت صورة صعبة وشديدة جدا وتم تكريمه في هذا العام على أنها أحسن صورة تم التقاطها في العالم كله.
 وبعد هذا الناس سألوا: أين ضمير المصور عندما شاهد البنت تموت، وشاهد النسر سيهبط عليها حتما، وتركها وانصرف؟ أين ضميره أستاذتي أجيبيني أنتِ؟ أين ضميره؟ أين قلبه؟ أين إنسانيته؟ أين عقله؟ وظلّ العالم يهاجمه رغم فوزه بجائزة عالمية كبرى حتى حاصره اليأس وانتحر.
أحبابي الكرام، إني أردُّ على الأختِ الكريمةِ بمنتهى الأدب بصراحةٍ، ولم أتكلم عن فقه القرآن الكريم، وفقه السنة في علاج الفقر، لأننا لو تكلمنا في هذه الأشياء لقالوا عنا: إننا متعصبين، ولن أقول: قال الله، ولا قال رسول الله - صلوات ربي وسلامه عليه - حتى لا يصابون بحالة من الإحباط وهم محبطون - أصلا - أنا يا سادة يا كرام أتكلم بإحصائيات عالمية، وأردُّ على الحجة بالحجة والفكر بالفكر.
إذًا المجاعات التي في العالم ولا زالت لا ترجع إلى الله الذي يزعمون أنه يُجوِّع عباده، فالقرآن الكريم أشار إشارة سريعة إلى أنَّ الأرض غنيةً ولن يكون فيها فقر، لو أنَّ الناس التزموا منهج الله لعاشوا سعداء؛ فالأرض -أيها السادة الكرام الأماجد- فيها اكتفاء ذاتي من الله، وليس من أحد آخر، ولكن الناس يظلمون.