دعاء المساكين

دعاء المساكين
عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ يَوْمَ القِيَامَةِ» فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا، يَا عَائِشَةُ لَا تَرُدِّي المِسْكِينَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، يَا عَائِشَةُ أَحِبِّي المَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ القِيَامَةِ»: رواه الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
 قوله: (اللَّهم أحيني مسكينًا، وتوفني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين) في النهاية: قد تكرَّر في الحديث ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن، وكلها تدور معناها على الخضوع والذلة وقلة المال والحال السيئة، وقد اختلف الناس في الفقير والمسكين، فقيل: الفقير الذي لا شيء له، والمسكين: الذي له بعض ما يكفيه، وإليه ذهب الشافعي، وقيل العكس فيهما، وإليه ذهب أبو حنيفة، والحديث أراد به التواضع والإخبات، وأن لا يكون من الجبّارين والمتكبرين.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، t أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُلُوبِنَا، وَأَزْوَاجِنَا، وَذَرَارِيِّنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ، مُثْنِينَ بِهَا قَائِلِيهَا، وَأَتْمِمْهَا عَلَيْنَا». رواه أبو داود والطبراني في الدعاء. ضعيف.
قوله: (وألّف بين قلوبنا) من الألفة أجمعها واجعلها مؤتلفة متفقة غير متفرقة ولا متباعدة، وقد امتن الله تعالى بتأليفه بين قلوب أصحاب رسوله r ]هُوَ الَّذِي أيَّدَكَ بِنَصرِهِ... [ إلى قوله: ]وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ[ [الأنفال: 62، 63]، الآية فالجملة الأولى دعاء بإصلاح ذات البين إن وقع بين العباد ما لا يكاد يخلو عنه البشر، والثانية: بجمع القلوب وتأليفها (واهدنا سبل السلام) وفي النهاية: هدايته الطريق وإلى الطريق هداية عرفته، والسبل جمع سبيل وهي الطريق والسلام في الأصل السلامة فيقال: سلم سلامًا وسلامة، ومنه قيل للجنة: دار السلام؛ لأنها ذات السلامة من الآفات والمعنى عرفنا طريق النجاة، والسلامة من شرّ الدارين أو عرفنا طريق الجنة والأفعال الموصلة إليها، كما قال الله تعالى في صفة القرآن: ]يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ[ [المائدة: 16] (ونجنا من الظلمات إلى النور) الظلمات: الشرك والمعاصي، والنور: الإيمان والطاعات كما قال تعالى: ]يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ[ [البقرة: 257] أي من الكفر إلى الإيمان أو نجنا من ظلمات الآخرة إلى النور الذي يعطيه أهل الإيمان المشار إليه بقوله تعالى: ]يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ[ [الحديد: 12] ونحوها، وإطلاق النور على الإيمان والطاعات والظلمة على المعاصي والكفر إطلاق قرآني وحديثي، فإما أن يكون من باب الاستعاذة وأن صاحبه يكون في نور من جميع جهاته، كما سلف حديث: "اللَّهم اجعل في قلبي نورًا" والكفر يجعل صاحبه في ظلمات في جميع أحواله كما قال تعالى في صفة المنافقين: ]وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ[ [البقرة: 17] أو باعتبار أن يكون الإيمان نورًا حقيقة في النشأة الأخرى، والكفر ظلمات فيها، وقد فسّره قوله تعالى: ]وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ[ [الحديد: 13] بالظلمة وجمع الظلمات، وأفرد النور على الأسلوب القرآني، فإنه ما ورد فيه هاتان القرينتان إلا بجمع الظلمات، وإفراد النور لازم مراد الجنس أو لأنه نوع واحد بخلاف الظلمة، كما أفاده جار الله في تفسير سورة الأنعام، (وجنبنا) بعدنا (الفواحش) جمع فاحشة في القاموس: الفاحشة الزنا وما اشتد قبحه من الذنوب، وكل ما نهى الله عنه وأريد هنا الأخير (ما ظهر منها وما بطن) ما أعلنتم به وما أسررتم، وقيل: ما عملتم وما نويتم. (واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين) هو كالتفسير لشاكرين والثناء هو الشكر (بها) بسببها (قابلين لها) متلقين لها بالقبول والرضا والشكر والإحسان إلى العباد (وأتمها علينا) لا تنزعها بسبب تقصيرنا عن شكرها.
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ r، قَالَ: "قُلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ سَرِيرَتِي خَيْرًا مِنْ عَلانِيَتِي، وَاجْعَلْ عَلانِيَتِي صَالِحَةً، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ صَالِحِ مَا تُؤْتِي النَّاسَ مِنَ الْمَالِ وَالأَهْلِ وَالْوَلَدِ، غَيْرِ الضَّالِّ، وَلا الْمُضِلِّ". أخرجه التِّرْمِذِي (3586) وقال: هذا حديثٌ غريبٌ.
قوله: (قل اللهم اجعل سريرتي خيرا من علانيتي) أي ما أسره خيرًا مما أظهره؛ ولأنه تعالى يعامل العباد على السرائر. (واجعل علانيتي صالحة) لتكون السريرة أصلح منها. (غير الضال) في نفسه. (ولا المضل) لغيره، وهذا من أجمع الدعاء، ومن جوامع الكلم.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض