خطبة الجمعة "68" الدين القيّم لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الرئيسية المقالات مقالات دينية

خطبة الجمعة "68" الدين القيّم لفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

الدين القيم

الحمد لله رب العالمين، سبحان الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، "هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)".
وأشهد أن لا إله إلا الله، "الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)" وكيف نكذب بآلائك يا رب؟!
وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله.
جل الذي بعث الرسول رحيما، ليرد عنا في المعاد جحيما
وبه لنرجوا جنة ونعيما أضحى على المولى الكريم كريما
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة الأوابين المحبين المتبتلين، "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا".
خطبة اليوم الثامنة والستون، وعنوانها: الدين القيم، هذا الدين جعله الله تعالى قيما يعني: جمع فيه كل الخير، وجمع فيه كل المعروف، وجمع فيه كل الآداب، وكل المعاملات، حتى أن أحد الكفار قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: كيف أن دينكم أحصى كل شيء؟ فقال له: ما من شيء إلا علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما من خير إلا دلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه.
ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم
الدين القيم في سياق هذه الآية في سورة التوبة، إن الله تعالى جعل الشهور "اثنى شَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ". هذه الشهور كان العرب قبل الإسلام يفعلون فيها كل البدع، يطيلون شهرا، يقصرون شهرا، يحرمون شهرا، يحلون شهرا، " يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا". فلما أتى الإسلام ضبط الشهور.
قال تعالى: "ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ"، فإن خالق السماوت والأرض هو الذي خلق الأيام والليالي وقدرها، "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)".
الليل والنهار أكبر معجزة في السماوات والأرض، ساعات الغروب والشروق منضبطة لمليون سنة قادمة، لا يضبطها إلا الله، وكثير من الناس دخلوا في الإسلام بسبب هذه المعجزة، ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠) ﴾ يسبحون بحمد الملك.
"اليوم أكملت لكم دينكم"، لا تشريع بعد رسول الله، "من أحدث بعدي شيئا فهو ردّ"، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}.
قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما
والصراط المستقيم هي التي نرجوها من الله تعالى سبع عشرة مرة كل يوم، "اهدانا الصراط المستقيم" أي: أن هذه الأمة هي الأمة الهادية المهدية، وهي الأمة التي تحسد على صلاة الجمعة، ويحسدوننا على القرآن ولذلك يحرقونه؛ لأنهم لم ينالوا من رحمة الله تعالى كما نالت هذه الأمة، إن فضل الله تعالى عظيم على أمة الإسلام، حتى يشفع لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فلا يبقى في النار أحد، قال صلى الله عليه وسلم: "يخرج من النار كل من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" بشفاعة النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم.
هذه الأمة مختارة من الله، "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"، أفضل أمة، قال عنها الملك: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" "قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)" الدين مستقيم، لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أول هذه الأمة، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلو كما رأيتموني أصلي"، وقال: "خذوا عني مناسككم".
أين أنت من السبعة؟ رجل قلبه معلق بالمساجد، رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، أين أنت من السبعة؟ وابحث عن الصادقين، وكن مع الصادقين.
دينا قِيَما .. دينا قَيِّما
هو "دينا قِيَما" أن الله تعالى جعل الدين ثابتا لا يختلف عليه أحد، أما "دينا قَيِّما" يعني: دين عالي القيمة، الشيء العظيم، جمع كل القيم والأخلاق، والآداب، وكل المعاملات وإذا أردت أن تستقيم فلا استقامة لك إلا بسنة رسول الله، "تركت فيكم ما إن تمسكتم به، لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنة رسوله".
ذلك دين القيّمة
دين القيمة يعني: الدين الجامع، والدين الشامل، الذي لا اختلاف فيه، ولا انتقاص فيه، وسُميت الجمعة بالجمعة لأن الله تعالى جعل فيها كل الخيرات وكل الحسنات، ولو جمعت الحسنات في يوم الجمعة وجدتك تأخذ في يوم الجمعة الواحد مليار حسنة، ومنها قال صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من الصلاة والسلام عليّ يوم الجمعة وليلتها، فإن صلاتكم تبلغني".
كل شيء قيم وعظيم ونفيس جعله الله تعالى في هذا الدين العظيم، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
أي الأديان أحب إلى الله؟ الحنيفية السمحة
الحنيفية يعني: لا اعوجاج في الإسلام، والسمحة أي التسامح، الشيء الحنيفي وهو الشيء المستقيم، كل شيء مستو وليس فيه مشاكل ولا تعقيدات ذلك دين الله، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت بالحنيفية السمحاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك". أحب الأديان إلى الله تعالى هو دين الإسلام "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ".
ولم يجعل له عوجا
القرآن قيم، ليس فيه عوج، كما قال تعالى: " قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) "، مهما زعم الملاحدة، أن القرآن فيه أخطاء فإنهم كاذبون، وطلبت من أحدهم أن يقدم دليلا على ذلك، ولما قرأ الفاتحة أخطأ في قراءة الفاتحة عشر مرات.
إن القرآن العظيم أكبر معجزة على وجه الأرض، كلام الله، " ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّا جاءَهم وإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ* لا يَأْتِيهِ الباطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِن خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِن حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾. الذي نزل هو الله، الذي علم هو الله، "وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ * فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ"، قال تعالى: " وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ۝ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ".
الخطبة الأخرى
الحمد لله رب العالمين، نصر كتابه المجيد، بالعلماء الربانيين، قال صلى الله عليه وسلم: "العلماء مصابيح الهداية"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ منَ النَّاسِ، ولَكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العُلماءِ، حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا"، ولذا قال تعالى: "فاسألوا أهل الذكر"، ولم يقل : فاسألوا أهل العلم، لا يتكلم في الدين إلا من جمع كل العلوم.
العلماء أصفياء الله تعالى في الأرض، يمثلون أنبياء الله تعالى في الأرض، فالعالم وارث، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما أورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
دعاء الدين القيم
يا ذا العرش المجيد، يا فعالا لما يريد، يا من له الأسماء الحسنى والصفات العُلى، يا من علا فعلى فهو على كل شيء قدير، اللهم صلِّ أفضل صلاة وأزكاها على خير البرية ومصطفاها، أقسم بك عليك يا الله، "ققُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)"، اهدنا واهد بنا يا الله، عافنا واعف عنا يا الله، أصلح قلوبنا، قوّ عزمنا، انصرنا على كل ظالم، وعلى كل خائن، وافتح لنا ولكم المغاليق، ونجنا من كل ضيق، ارزقنا علما نافعا، وقلبا خاشعا، ونفسا شبعانة راضية، ارزقنا الهداية والصلاح، واستعملنا ولا تستبدلنا وكن لنا عونا وسندا، وناصرا وظهيرا يا نعم المولى ونعم النصير.
"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)".

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض