الملاحدة
يصطنعون المشكلات لتشويه صورة الإسلام
والردّ لن يحتاح وقتا طويلا، فكما هو عهدنا
بالملاحدة إنهم يصطنعون المشكلات يحاولون بشتى الطرق تشويه صورة الإسلام، والدحض
في القرآن؛ فالله تعالى قد خلق الأرض في يومين اثنين، أي أن مسألة الخلق تمت في
يومين فقط، يقول تعالى: {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ}، ثم يدمج الله تعالى
خلقه للأرض في يومين بقدرته العظيمة؛ كي يتعظ الناس، ويفيقوا من سُباتهم وغفلتهم
التي بسببها جعلوا مع الله أنداد وآلهة أخرى، وأشركوا بالله أفلا يتدبرون كلام
الله؟!
ثم بعد ذلك أحبابي الكرام، يقول تعالى: {وَقَدَّرَ
فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ
اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا
طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا
بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، بمعنى أن الله
عندما انتهى من مسألة الخلق نفسها بدأ في مرحلتين اثنتين، وهما: مرحلة التقدير،
ومرحلة القضاء وقد تمتا في أربعة أيام، وهكذا يكون مجموع الأيام ستة، كما قال
تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن
وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}.
أحبابي الكرام، وسنزيد في توضيحنا للملحد
حيث إنني أشعر أنه لم يفهم بعد، أقول: إن الآيات التي تتحدث في خلق السموات
والأرض: {قُلْ أَئِنَّكُمْ
لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ
أَندَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا
وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً
لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ
اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا
طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا
السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ} [فصلت: 9-11].
أحبابي الكرام، وهكذا فإننا لدينا - إذًا -
ثلاث عبارات هي: (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) و(وَقَدَّرَ فِيهَا
أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) و(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) والمجموع 2 + 4 + 2 = 8 أيام، ولكن القرآن ذكر في
آية أخرى عدداً هو ستة أيام: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [السجدة: 4]. وهذا تناقض واضح، ولذلك فإن
هذا الخطأ الحسابي دليل على أن القرآن ليس كلام الله، لأن الله لا يخطئ، وبالتالي
القرآن كتاب من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم!
ولكن انتظر -يا صديقي الملحد- فعقلك قد
خانك؛ فالعبارات الثلاث تختلف عن بعضها بشكل واضح، فالأولى تتحدث عن الخلق:
(خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) والثانية تتحدث عن التقدير:
(وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) والعبارة
الثالثة تتحدث عن القضاء: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
فِي يَوْمَيْنِ). إذاً لا يجوز أن نجمع هذه الأرقام الثلاثة؛ لأن كل رقم له
مدلول مختلف.
فالآيات لا تحوي إلا رقمًا واحدًا يتحدّث عن
الخلق، وهو يومين في قوله: (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ)، أما
تقدير الأقوات للأرض، والذي تم في أربعة أيام فلا علاقة له بمدة الخلق
(وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)؛ لأن خلق
الأرض تم خلال يومين من أيام الله (وقد يكون اليوم مساوياً مليارات السنين من
أيامنا).
كذلك الآية التي تحدثت عن السماء لا تذكر
خلق السماوات، بل تذكر قضاء الله لهذه السماء أن تصبح سبع سماوات، وذلك خلال يومين
(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ)، أي أن السماء موجودة
ومخلوقة مسبقاً، واليومين هما لفصل هذه السماوات عن بعضها.
وبذلك لا يوجد أي تناقض في هذا النص الكريم،
ولكي نؤكد ذلك فإنَّ الله تعالى عندما يتحدث عن الخلق يتحدث عن التقدير، وكأنهما
شيئين منفصلين، أي أنَّ الخلق غير التقدير، الخلق يكون أولاً، ثم التقدير والتنظيم
يكون ثانيًا، كما قال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}
[الفرقان: 2]، تأمل صديقي الملحد قول الله تعالى عن خلق الإنسان: {مِنْ نُطْفَةٍ
خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} [عبس: 19]، فالخلق يكون أولاً ثم التقدير، وهو التنظيم
والتهيئة جعل المخلوق مناسبًا لما خلق له.