انعكاسات وتجليات اسم الله الرحيم في حياة المسلم :

الرئيسية المقالات مقالات دينية

انعكاسات وتجليات اسم الله الرحيم في حياة المسلم :

انعكاسات وتجليات اسم الله الرحيم في حياة المسلم :
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله الرحيم، وآمنت به، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:
الأولى: أن من عرف أن ربه الرحيم، فعليه أن يتحلى بمجموعة من الصفات، ويلزم نفسه بمجموعة من الالتزامات حتى تعود عليه بالخير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك:
أولًا: عندما يتمسك المسلم بخلق الرحمة، فإن ذلك يعود عليه بكل خير في معاشه ومعاده، ومن خيراتها أن الجزاء من جنس العمل فالرحمة تدفع المسلم إلى كل أنواع الخير من صلة الرحم وبر الوالدين ورحمة الناس ومواساتهم :
احرص أخي المسلم على تخفيف الشدائد عن الناس ليخفف الله عنك:
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما – أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» ( ).
أخي أعن الناس على قضاء حوائجهم تجد العون من الله:
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ: " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْرَى مَا كَانُوا قَطُّ، وَأَجْوَعَ مَا كَانُوا قَطُّ، وَأَظْمَأَ مَا كَانُوا قَطُّ، وَأَنصَبَ مَا كَانُوا قَطُّ، فَمَنْ كَسَا لِلَّهِ كَسَاهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَطْعَمَ لِلَّهِ أَطْعَمَهُ، وَمَنْ سَقَى لِلَّهِ سَقَاهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِلَّهِ أَعْفَاهُ اللَّهُ ") ( .
كن للمعسر ميسراً، ييسر الله عليك:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْـهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَـى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْـهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَـرَ مُسْلِـمًا، سَتَـرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أخِيهِ»( ).
استر على الناس يستر الله عليك:
عِنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَاْلَ: قَالَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم :" مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ "( ).
فكما تكون لعباد الله، يكون الله لك، فاختر لنفسك الحالة التي تريد أن يعاملك الله جل وعلا بها، فعامل عباده بذلك تجد جزاءه .
ثانيًا: عندما يتمسك المسلم بخلق الرحمة فإنه يكون رقيقًا، ويسعى لإزالة آلام الخلق ؛ لأنها عاطفة حية تنبض بالحب والرأفة، ونجد أن كثيرًا من أسماء الله الحسنى ينبع من معاني الرحمة والعفو والفضل والكرم .، فمن الرحمة البر بالوالدين، ويمكن أن نعدد أنواع البر بالوالدين في النقاط التالية:
أ- عدم التضجر منهما ولو بكلمة «أف» بل يجب الخضوع لأمرهما وخفض الجناح لهما، ومعاملتهما باللطف، وعدم الترفع عليهما.
ب- الشكر لهما، وهذا الشكر الذي جاء مقرونًا بشكر الله والدعاء لهما: {وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا} [الإسراء:24].
ج- الإحسان إليهما في القول والعمل، والأخذ والعطاء، وتفضيلهما على النفس والزوجة، ومجاهدة النفس برضاهما حتى وإن كانا غير مسلمين { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان:15].
د- رعايتهما ولا سيما عند الكبر، وإدخال السرور عليهما وحفظهما من كل سوء.
هـ- الإنفاق عليهما عند الحاجة { قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ} [البقرة:215].
و- استئذانهما قبل السفر، وأخذ موافقتهما إلا في حج فرض.
ز- اختصاص الأم بمزيد البر لحاجتها وعظم شأنها وتعبها، والبر يكون بمعنى حسن الصحبة، والعشرة، وبمعنى الطاعة والصلة.
ح- الدعاء لهما بعد موتهما، وإنفاذ عهدهما، وبر صديقهما.
ومن الرحمة الرحمة بالأولاد:
ويكون ذلك بحسن تربيتهم، انطلاقًا من مسئوليته عنهم أمام الله تعالى، يقول عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان له ثلاث بنات، وصبر عليهن، وكساهن من جدته؛ كن له حجابًا من النار»( ).
ومن الرحمة صلة الرحم:
فالرحم مشتقة من الرحمة في مبناها، فيجب أن تستقيم معها في معناها، ويطلق الرحم على الأقارب من جهة الأبوة أو الأمومة .
وقد حث القرآن الكريم على صلة الرحم، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
وقال -عز وجل- { وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال:75].
وقد حثت السنة النبوية على صلة الرحم:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ لَـهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأ لَـهُ فِي أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِـمَهُ» ( ).
عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ ؛ فَقَالَ الْقَوْمُ: مَالَهُ مَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « أَرَبٌ مَالَهُ » ؛ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: « تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا » . قَالَ كَأَنَّهُ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ »( ) .
وعن مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو أَيُّوبَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِى سَفَرٍ ؛ فَأَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ أَوْ بِزِمَامِهَا ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - أَوْ يَا مُحَمَّدُ - أَخْبِرْنِى بِمَا يُقَرِّبُنِى مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا يُبَاعِدُنِى مِنَ النَّارِ ؛ قَالَ: فَكَفَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَظَرَ فِى أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ « لَقَدْ وُفِّقَ - أَوْ لَقَدْ هُدِىَ – قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ » . قَالَ فَأَعَادَ ؛ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ دَعِ النَّاقَةَ» ( ).
وفي رواية عنده عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْنِينِى مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِى مِنَ النَّارِ ؛ قَالَ «تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصِلُ ذَا رَحِمِكَ » فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»( ) .
ومن الرحمة الرحمة باليتامى:
وممن تجب الرحمة بهم اليتامى فإن الإحسان إليهم، والبر بهم، وكفالة عيشهم، وصيانة مستقبلهم من أزكى القربات.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْـجَنَّةِ هَكَذَا». وَأشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَـهُـمَا شَيْئاً( ).
ومن الرحمة الرحمة بالحيوان:
«مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال: أفلا قبل هذا ؟ ! أتريد أن تميتها موتتين»( ).
«قال رجل: يا رسول الله ! إني لأذبح الشاة فأرحمها، قال: والشاة إن رحمتها رحمك الله»( ).
«عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت؛ فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»( ).
ثالثًا: عندما يتمسك المسلم بخلق الرحمة، فإن ذلك يعد من كمال الإيمان:
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ لاَ يَرْحَم النَّاسَ لاَ يَرْحَمْهُ الله » ( ).
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ للنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإن فيهِم الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبيرَ، وَإِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّل مَا شَاءَ »
رابعًا: عندما يتمسك المسلم بخلق الرحمة فإن ذلك يعود على غيره:
فمن مواطن الرحمة إحسان معاملة الخدم، والترفق بهم فيما يكلّفون به من أعمال، والتجاوز عن هفواتهم، وليحذر المرء من سطوة التصرف، فيسخّرهم ويسخر منهم، فإن الله إذا ملك أحداً شيئاً فاستبد به وأساء سلبه ما ملك، ويُخشى عليه من سوء المنقلب.
وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحْسَنَ النَّاس خُلُقاً.
وعنه، قَالَ: مَا مَسِسْتُ دِيبَاجاً وَلاَ حَرِيراً ألْيَنَ مِنْ كَفِّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ خدمتُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنين، فما قَالَ لي قَطُّ: أُفٍّ، وَلاَ قَالَ لِشَيءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَه ؟ وَلاَ لشَيءٍ لَمْ أفعله: ألاَ فَعَلْتَ كَذا؟( ).
وممّن تتطلب حالتهم الرحمة المرضى وذوو العاهات والإعاقات، فهم يعيشون في الحياة بوسائل منقوصة، تعوق مسيرهم، وتحول دون تحقيق كل مقاصدهم، وتضيق بها صدورهم، وتحرج نفوسهم؛ فلقد قيّدتهم عللُهم، واجتمع عليهم حرّ الداء، مع مرّ الدواء، فيجب الترفق بهم، والحذر من الإساءة إليهم، أو الاستهانة بمتطلبات راحتهم، فإن القسوة معهم جرم عظيم، لَّيْسَ عَلَى ٱلاْعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلاْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ[النور:61].


تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض