تأملات في اسم الله
الحافظ
لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة
غار اليهود والمنافقون، وكما قال عروة بن مسعود: ما رأيت أحدًا يحب أحدًا، كما
رأينا أصحاب محمد يحبون محمدًا، لأجل هذا فإن الصحابة كانوا يخشون عليه، إذ جعلوا
عليه حراسة، مع أنه كان ينام قسطًا قليلًا، ساعة أو ساعتين في الليلة، وكان يقول لابن
عمر
رضي الله عنهما ربي هو الذي يطعمني ويسقيني، ولما هاجر صلى الله عليه وسلم ووضع
الطعام أمامه في بيت سيدنا أبي أيوب الأنصاري، وقدم الثوم والبصل، قال: "كلوا،
أما أنا فإني رجل أناجي"، فكان الصحابة يتناوبون الحراسة في بيته، ثم أمرهم
بأن يعودوا لمنازلهم، لأن الحافظ هو الله، قال تعالى:{يَأَيُّهَا الرَّسُولُ
بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ
رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي
الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة : 67).
والمعنى: يأيها الرسول بلِّغ وحي
الله الذي أنزل إليك من ربك، وإن قصَّرت في البلاغ فَكَتَمْتَ منه شيئًا، فإنك لم
تُبَلِّغ رسالة ربِّك، وقد بلَّغ صلى الله عليه وسلم رسالة ربه
كاملة، فمن زعم أنه كتم شيئًا مما أنزل عليه، فقد أعظم على الله ورسوله الفرية،
والله تعالى حافظك وناصرك على أعدائك، فليس عليك إلا البلاغ.
إن الله لا يوفق
للرشد من حاد عن سبيل الحق، وجحد ما جئت به من عند الله.. والله يعصمك من الناس، الله
يعصم رسوله صلى الله عليه وسلم من الناس، ويعصم المسلم من الناس، ويحفظ المسلم من أذى
الناس، هذا هو المعنى الذي كلمتكم عنه.