التسامح في الجزية

الرئيسية المقالات

التسامح في الجزية

التسامح في الجزية
كانت الجزية تشريعًا عادلًا ورحيمًا، لأنها في مقابل الزكاة المفروضة على المسلمين، فالمسلم يؤدي الزكاة عن نقوده وعروض تجارته بنسبة 2.5% ويؤدي الزكاة عن الغنم والماعز والإبل وغير ذلك، أما الذمي فلا زكاة عليه في نقده، ولا ماشيته ولا في تجارته.
وفي حرب الردة عرض بعض المرتدين على أبي بكر أن يبقوا في إسلامهم، ولا يدفعوا الزكاة فلم يستجب أبي بكر وحاربهم.
وقد شرعت الجزية؛ لأن الزكاة التي تجبى من المسلمين تنفق في بعض شئون الدولة العامة نفعًا للمسلمين والذميين، ومن العدل أن يساهم أهل الذمة بشيء من مالهم في تيسير أمور الدولة باعتبارهم من رعاياها.
فالجزية من غير المسلمين بمثابة الزكاة من المسلم، ليستوي الفريقان في واجب عام، هو تساويها في الانتفاع بالمرافق العامة.
وليس أدل على كون الجزية مقابل خدمات عامة كالدفاع عن الوطن وحماية الأرواح والأموال من أن الذمي إذا أسلم سقطت عنه الجزية.
ومن مظاهر السماحة في الإسلام أنه أعفى من الجزية عدة طوائف: كالمساكين والأرقاء لأنهم لا يملكون شيئًا، وأعفى الشيوخ والنساء والأطفال؛ لأنهم لا يقدرون على الحرب أصلًا، وأعمى العمر والمقعدين، لأنهم عاجزون عن الكسب، وأعفى الصبيان والمجانين؛ لأنهم غير مكلّفين وأعفى الرهبان لانقطاعهم للعبادة.
كما أسقط الإسلام الجزية عن الذمي، إذا مات قبل أن يؤديها، فلا تستوفي من تركته كما يستوفي الدين.
وأسقطها عن الذمي إذا افتقر، وهذا ما فعله عمر بن الخطاب وما عاهد عليه خالد بن الوليد أهل الحيرة أنه إذا عجز شخص عن الكسب، أو أصابته عاهة، أو كان غنيًا فافتقر، طرحت عنه جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين هو وأسرته.
ومن ناحية أخرى فإننا إذا بحثنا في كيفية جمع الجزية والخراج، فإن التاريخ يشهد أن المسلمين كانوا طوال تاريخهم يحسنون معاملة الدافعين، وينظرونهم إلى ميسرة، ولا يرهقونهم.
ومما يدل على ما تقدم بعض النصوص التي وردت عن النبي  والصحابة الكرام، منها:
عن أبي رجاء الخراساني عن جسر قال: شهدت كتاب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى إلى عدي بن أرطاة قرئ علينا بالبصرة: أما بعد فإن الله سبحانه إنما أمر أن تؤخذ الجزية ممن رغب عن الإسلام واختار الكفر عتيا وخسرانا مبينًا؛ فضع الجزية على من أطاق حملها وخل بينهم وبين عمارة الأرض؛ فإن في ذلك صلاحا لمعاشر المسلمين وقوة على عدوهم ثم انظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه، وضعفت قوته وولت عنه المكاسب؛ فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلًا من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أو عتق وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر  مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس فقال: ما أنصفناك أن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك، قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه.
وعن كعب بن علقمة أن عرفة بن الحارث - وكانت له صحبة وقاتل مع عكرمة بن أبي جهل باليمن في الردة - مر به نصراني من أهل مصر يقال له: المندقون فدعاه إلى الإسلام فذكر النصراني النبي  فتناوله، فرفع ذلك إلى عمرو بن العاص فأرسل إليهم فقال: قد أعطيناهم العهد. فقال عرفة: معاذ الله أن تكون العهود والمواثيق على أن يؤذونا في الله ورسوله إنما أعطيناهم على أن يخلى بيننا، وبينهم وبين كنائسهم، فيقولون فيها ما بدا لهم وأن لا نحملهم ما لا طاقة لهم به وأن نقاتل من ورائهم، ويخلى بينهم وبين أحكامهم إلا أن يأتونا فنحكم بينهم بما أنزل الله، فقال عمرو بن العاص: صدقت.
و عن أبي الجنوب قال علي: من كانت له ذمتنا فدمه كدمنا ودينه كديننا.
عن عمر : أنه كتب إلى أمراء أهل الجزية أن لا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي، قال: وكان لا يضرب الجزية على النساء والصبيان قال يحيى. وهذا المعروف عند أصحابنا

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض