التجارة الرابحة مع الله
حديثنا عن التجارة مع الله تعالى، والمعنى الذي أبدأ به
هو قوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ
تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الصف:10) يأيها
الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، هل أرشدكم إلى تجارة عظيمة الشأن تنجيكم
من عذاب موجع؟ قال تعالى:في الآية التي لحقتها: {تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ
وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ
لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (الصف:11)، تداومون
على إيمانكم بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله، لنصرة دينه بما تملكون من
الأموال والأنفس، ذلك خير لكم من تجارة الدنيا، إن كنتم تعلمون مضارَّ الأشياء
ومنافعها، فامتثلوا لذلك.
الله تعالى ينادي على من؟
"يأيها
الذين آمنوا" إن الله تعالى شهد لكم بالإيمان أولًا، وعندما شهد لكم بالإيمان
فإنه نادى عليكم كي تثبتوا، وكي تستجيبوا، وكي تؤكدوا أنكم مؤمنون{يَأَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ} (الصف:10)، قال تعالى:
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى
تِجَارَةٍ} (الصف:10) هل أدلكم، ولم يقل هل أعلمكم، ولم يقل هل
أخبركم، ولم يقل هل أعرفكم، إنما قال: "هل أدلكم"، إذًا أنت في حاجة إلى
دليل، لكي أتاجر مع الله عز وجل فإننى في حاجة إلى صحبة الأخيار، كي أكون مؤمنًا
حقًّا.
والذي جاء
بالصدق
قال تعالى:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (الزمر : 33) الذي جاء بالصدق هو سيدنا محمد، والذي
صدق به هو سيدنا الصديق، فأنت في حاجةٍ إلى صحبة طيبة تتعرف بها إلى الله، وتذوق
معها حلاوة الإيمان، وتعرف بها التجارة الرابحة إلى الله.
إن المؤمن الصادق في تعامله مع الله لا يسبقه أحد في الوصول
لمولاه، إنه يتسابق إلى الخير دومًا، ولقد كان
الصديق رضي الله عنه كذلك ، ففي الحديث "مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ
صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ
أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا قالَ أبو بَكْرٍ:
أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، فقالَ
رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا
دَخَلَ الجَنَّةَ".