البعد عن الله وحشة لا يزيلها الناس والقرب أنس لا تزيله العزلة

الرئيسية المقالات مقالات دينية

البعد عن الله وحشة لا يزيلها الناس والقرب أنس لا تزيله العزلة


البعد عن الله وحشة لا يزيلها الناس والقرب أنس لا تزيله العزلة

البعد عن الله وحشة لا يزيلها الناس، والقرب من الله أنس لا تزيله العزلة، فلا تتخذ غير الله والعمل الصالح أنيسًا فلا أحد أرحم بك من ربك، ولا أحد أعلم بهمك أكثر من ربك، و لا أحد يقدر على رفع الضر عنك إلا ربك.

يقول ابن القيم رحمه الله فى كتاب الجواب الكافي: ومنها- عقوبات المعاصى- وحشة يجدها العاصى فى قلبه بينه وبين الله جل وعلا، ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة، وهذا أمر لا يحس به إلا من فى قلبه حياة، وما لجرح بميت إيلام، وليس على القلب أمر من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان، ومنها الوحشة التى تحصل له بينه وبين الناس ولا سيما أهل الخير منهم، فإنه يجد وحشة بينه وبينهم، وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع بهم، وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه وبينه وبين نفسه، فتراه مستوحشا من نفسه، وقال بعض السلف: إنى لأعصى الله فأرى ذلك فى خلق دابتى وامرأتي، ومنها تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا، فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا.

إن الله سبحانه بحكمته وفضله قد جعل الرضا والفرح والسرور والنشاط والأنس وقرة العين فى طاعته وامتثال أوامره، قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:97]. وقال سبحانه: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه:123] وجعل أضداد هذه من الهم والحزن والضيق واليأس والكآبة فى التفريط فى الطاعة وفعل المعصية، فما يجده الإنسان من هم وغم وضيق فى الصدر ونكد فى العيش، فإن هذا غالبا ما يكون ثمرة من ثمرات المعاصى النكدة ونتاجا من نتاجها المر، قال الله سبحانه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124].

وقد قال الله سبحانه: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِى أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا {[النساء: 123] يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} أي: فى الدنيا؛ فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره؛ بل صدره ضيِّق حَرَج لضلاله، وإن تنعَّم ظاهرُه، ولَبِسَ ما شاء وأكلَ ما شاء، وسكنَ حيث شاء؛ فإنَّ قلبه ما لم يَخْلُص إلى اليقين والهُدى فهو فى قلق وحيرة وشَكّ، فلا يزال فى ريبه يتردَّد، فهذا من ضَنَك المعيشة) [تفسير ابن كثير (5/323)].

لقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم أنه إذا أصابتنا الوحشة أن نلجأ إلى الله ونتقرب إليه بذكره فقال: (إذا أصابت أحدكم وحشة بليل فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات اللاتى لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ فى الأرض، وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن).

لحظة الأنس بالله هى لحظة الغنى الأكبر، لأنك إن كنت مع الله سبحانه وتعالى فأنت فى حالة استغناء عن كل شيء، نسأل الله العلى العظيم أن يذيقنا حلاوة الأنس به ويدخلنا جنة القرب منه.

تصفح أيضا

العظيم

العظيم

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض