الإعجاز التربوي في الجانب العاطفي للطفل في الإسلام

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الإعجاز التربوي في الجانب العاطفي للطفل في الإسلام

الإعجاز التربوي في الجانب العاطفي للطفل في الإسلام:

 وقفات مع حديث أبي عمير:

1. على الرغم من حجم الدعوة التي يقوم بها الرَّسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، ورغم كثرة المشاغل التي تواجهه والعبادات التي يقوم بها من عبادة وتربية وجهاد وتسيير أمور الدولة الإسلامية إلا أنه جعل له وقتاً لتربية أطفال المسلمين، وهذا الوقت المستقطع يعتبر بحد ذاته مكسباً تربوياً.

2. استخدام الرَّسُول- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أسلوب التكنية للطفل الصغير، فقال له: (( يا أبا عُمير! )) وهذه التكنية تشعر إخوانه وأهله بأن ابنهم كأنه أصبح في مصاف الشباب، وتكنية الولد تكسر الميوعة في النداء.

3. تمتعت الجملة التي قالها -عليه الصلاة والسلام- بصفات تربوية عظيمة، وهي:

   -الجملة كانت قصيرة من حيث عدد الكلمات؛ حيث كان عدد الكلمات ست كلمات وعدد أحرفها اثني عشر، وتلك الكلمات مناسبة لسن الصغير.

-         الجملة سهلة النطق، وخالية من الكلمات الحوشية الصعبة، فمن السهل أن ينطق الصغير بها؛ يا / أبا/ عُمير/ ما/ فعل/ النُّغير/.

-         الجملة سهلة الاستيعاب، ومضمونها معروف؛ من الإمكان أن يستوعبها الطفل ويعرف مضمونها.

-          الجملة سهلة الحفظ، لوجود السجع، والسجع محبب لنفس الطفل، ويستجيب له استجابة نفسية يعبر عنها بابتسامة وضحكة.

- فواصل الجملة مناسبة لنفس الطفل؛ نلاحظ في الجملة فواصلها مناسبة للوقت الزمني الذي يردده الطفل، فالجملة تبدأ: يا أبا عمير! هذا المقدار مناسب لنفس الطفل، ما فعل النغير؟، هذا المقدار مناسب لنفس الطفل. بداية الجملة: نداء-سكته-استراحة-استفهام أغلقت الجملة. يا أبا عمير ما فعل النغير؟!.

4. نزل الرَّسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- للمستوى العقلي للطفل (أبا عمير) وهذا مما يدخل السرور في نفس الطفل وأهله، ويعتبر ذلك سلوكاً تربوياً، ودعوياً حيث تزداد محبة أهل الطفل لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وأيضاَ يثمر التفاعل بين الرَّسُول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- والطفل ولعلَّ من الأمراض النفسية التي تصيب الشباب لها أبعاد طفولية، نتيجة حرمانهم العطف من والديهم فيصابون بتلك الأمراض كالانطواء، التوحد، الغيرة، التبرير، وغيرها.

5. عندما يكبر (أبو عمير) ويعلم بأن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قد داعبه، فإن ذلك يدعو إلى ازدياد محبته لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ومنها تتهيأ نفسه لتلقي الجوانب التربوية والعبادية والجهادية من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وهذا ما وجدناه في وقتنا الحاضر عندما يقوم بتعليمنا مدرس فبلا شك سيترك أثراً في نفوسنا، وخاصة عندما يكون دمث الأخلاق متديناً يحبُ التلاميذ ويقدرهم ويشجعهم على تلقي العلوم وعندما نراه بعد عدة سنوات فإننا نقدره ونحترمه ونود أن نقضي له حاجة وذلك ناتج عن جذور العلاقة السابقة، ولهذا تبقى العلاقة بين المدرس والتلميذ مستمرة قلبياً وفكرياً لعدة سنوات لوجود جسر المحبة والألفة.

بالإضافة إلى أن اتجاه الإسلام إلى الرفق والرحمة بالطفل هو عبارة عن ترسيخ لذلك الخلق القويم في نفسه حتى يتعامل به في مستقبله، فالحياة لا تستمر بغير الرفق والرحمة والمودة.

إن المسلم في مستقبل حياته يحتاج إلى الرفق في تعامله مع أطفاله، ومع زوجته فجاء الإسلام بإعجازه التربوي حتى يحمل الطفل في صغره بمخزون من الرحمة والرفق والمودة وحسن المعاملة يكفيه طيلة حياته، ويعينه على عبادة ربه والإحسان إلى خلقه، وأن يكون من عباد الله الصالحين.

في تعامل الإسلام مع اليتيم جانب إعجازي، وهو محاولة لتعويضه عن حنان الوالد الذي فقده وتطييب لنفسه .إن الإسلام كما جعل المجتمع الإسلامي كلًّا وجسدًا واحدًا يتداعى بعضه لبعض لم يقبل أن يعيش فيه منكسر، أو حزين، أو ضعيف دون أن تمتد يد المجتمع إليه بالعون والرفق والإحسان والعطف وهكذا لقد جعل الله المجتمع بإكرامه اليتيم والإحسان إليه يدًا حانية تمتد لليتيم بعد أن فارقته يد الوالد الحانية العطوفة .

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض