أبحث عن كنز العمل الصالح ولا أبحث عن كنز المال

الرئيسية المقالات مقالات دينية

أبحث عن كنز العمل الصالح ولا أبحث عن كنز المال

أبحث عن كنز العمل الصالح ولا أبحث عن كنز المال

أنا أبحث عن كنز العمل الصالح، ولو كنت وحدي، فإن مكافأة الآخرة خير من مكافأة الدنيا، وأجر الله خير وأبقى. إن مكافأة الدنيا أنت لا محالة تاركها، وذهب الدنيا أنت لا محالة مفارقه، أما كنز العمل الصالح فأنت تجده يوم أن تكون أشد احتياجًا له.

تجده عند الميزان يوم تبلغ القلوب الحناجر بحثًا عن حسنة تثقل الميزان، وتجده عند الصراط الذي يمتد على ألسنة النيران، وتجده وأنت تطرق خجلًا من ذنبك أمام الواحد الديان.

ربما لا تجد على الخير أعوانًا، ولا تجد في طريق العمل الصالح زحامًا، فسر أنت في الطريق ولو كنت وحدك، وابحث عن كنز الآخرة ولو لم تجد معينًا ولا ناصرا.

يحكى أن أحد الصالحين استيقظ من نومه مبكرًا، فرأى صخرة كبيرة سقطت من الجبل إلى الطريق حيث يمرّ معظم أهل البلدة، في طريقهم إلى أعمالهم وقضاء مصالحهم.

فأراد الرجل أن يعرف الذين يبحثون عن العمل الصالح، ويكافئ من يرفع الصخرة من طريق الناس دون أن يعلم، فوضع الرجل تحت الصخرة هدية مالية لمن يتولى إزاحة الصخرة عن الطريق، لأن الصخرة سدت الطريق، وحالت دون مرور الناس وحيواناتهم.

واختفى الرجل في مكان قريب من الصخرة، وأخذ يرقب ما يحدث في ذلك اليوم.

وبعد ساعات رأى رجلًا يسوق بقرته، ومر بالطريق فوجد الصخرة في طريق المارة، فأخذ يسخط ويلوم الناس الذين تركوا تلك الصخرة في الطريق، ولكنه مع ذلك لم يعمل شيئًا لرفع الصخرة، بل تركها ومضى ببقرته.

وبعد قليل إذا به يرى فلاحًا ذاهبًا إلى الحقل يسوق حماره، فرأى الفلاح الصخرة في الطريق، فغضب وأخذ يسخط ويلوم، ولكنه مع ذلك ترك الصخرة في الطريق، ومضى في سبيل حالة.

وكادت الشمس أن تغرب، أو أنها غربت والصخرة في مكانها، فمر رجل بحماره ورأى الصخرة فقال في نفسه: إن الطريق الآن مظلم، والصخرة هذه لو بقيت هنا في هذا الموضع لأعاقت مرور الناس والحيوانات، ولو تركتها فربما يعثر فيها أحد المارة في الظلام، ويصيبه ضرر، ثم صمم على أن يبعد الصخرة من الطريق، فحاول لوحده أن يفعل فلم يستطع لكبر حجم الصخرة، فذهب إلى داره في القرية، وبعد قليل عاد مصطحبًا زوجته وأبناءه، وفي يده قطعة حديدية طويلة، ثم أخذ يحرك الصخرة بتلك الحديدة، وبمساعدة زوجته وأبنائه حتى تمكن من إزاحتها عن الطريق، وبينما هو كذلك وجد صرة من الذهب كانت تحت الصخرة، وهي التي وضعها ذلك الرجل الصالح هدية ومكافأة لمن يرفع تلك الصخرة من الطريق، ففرح الرجل بذلك فرحًا كبيرًا، فنسي من جراء فرحته التعب الذي لاقاه من جراء تحريك الصخرة، وعاد إلى بيته فرحًا مسرورًا، وعندما فتح الرجل الصرة المملوءة بالذهب وجد فيها ورقة مكتوبًا فيها: (هذه هدية مني لمن يرفع الصخرة عن الطريق، أو يزيحها من طريق المارة) وتسامع أهل البلدة جميعهم بخبر تلك الصخرة، وما كان تحتها من كنز ثمين، وتمنى كل واحد منهم لو كان هو الذي رفعها، ليحصل على ذلك الكنز، وندموا جميعهم لعدم مبادرتهم لرفعها من الطريق.

لقد ندم الناس لأنهم يبحثون عن المال، فظنوا أن ما فاتهم من المال خير مما فاتهم من الأجر، وفرح الرجل الصالح مرتين مرة بكنز الآخرة، ومرة بكنز الدنيا فكن أنت من أبناء الآخرة ولا تكن من أبناء الدنيا، وليكن الله ورسوله أحب إليك مما سواهما.


تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض