وحشية المغول وذبحهم للمسلمين

أحبابي الكرام، عندما أتى التتار والمغول، ودخلوا بغداد أتعرفين -أيتها الأخت الكريمة- ماذا فعلوا فيها؟ فقالت: أعرف، قلت لها: أسمعيني أرجوك، ماذا فعل المغول والتتار عندما دخلوا بغداد، ثم إلى الشام ثم إلى مصر، ولم يستطيعوا أن يدخلوها وكان النصر مع الظاهر بيبرس حصنا حصينا لهم عند الشام حدثيني ماذا فعلوا في بغداد؟

قالت، وهي تنكس رأسها: فعلوا ما يندى له التاريخ، ماذا فعلوا؟ قولي كي نعرف أنَّ الوحشية الموجودة عند العباد بفعل العباد، وليس بفعل الله، بفعل العباد! يقول تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41].

قالت: يوم دخلوا أعدموا على مشارف بغداد آلاف البشر، وماذا أيضا؟ قالت: أتوا بالخليفة المسلم، وجمعوا الشعب كله ولما جُمع الشعب أتوا بالخليفة المسلم فذبحوه على مشارف بغداد، كما تُذبح النعاج، فقالت: ليتهم اكتفوا بهذا، وإنما فعلوا أمرا يشيب له شعر الفتى.

 قالت: أتوا على جميع المجلدات والمؤلفات والمصاحف والكتب الموجودة في مكتبات بغداد العريقة، وألقوا بها في نهر الفرات كي تكون معبرا لخيولهم، وماذا ترتب على هذا يا عزيزتي؟ فقالت: ترتب على هذا أن النهر ظل سنة أو أكثر تحولت مياهه إلى مياه حمراء من مداد العلماء، ومداد الكتبة، وهكذا ألقوا بتاريخ أمة كاملة في البحر عزيزتي هل علَّمهم الله تعالى هذه الهمجية؟

 هل غرز الله تعالى فيهم هذه الوحشية؟ ولماذا أتوا إلى بلادنا لكي يسفكوا دماءنا؟ نعم لكي يخرجوا غيظهم على الإسلام؟ نعم سلي نفسكِ، وسلي غيركِ، وسلي دموع الحزانى، ودموع الثكلى في العالم كله، هل أراد الله لهم أن يقتِّلوا الزعماء والأبناء والأحفاد، وأن يعصفوا بتاريخ شعوب بأكملها؟ لا والله لم يحدث هذا والله لم يأمرهم بهذا، ولكن منهجية الخراب والخراب الممنهج والفوضى الخلَّاقة على حدّ قولهم الفوضى الخلَّاقة الخراب الممنهج.

 فقالت: لا أفهم كلامك هذه المرة، فقد اعتدنا منك البساطة في كلامك، فلماذا هذا الكلام الصعب؟ قلت لها: الفوضى الخلَّاقة نموذج لما يجري الآن في بلاد عربية كثيرة تتوه تحت رحى الحرب، والحرب لا ترحمهم وما يجري هنا يجري هناك، إنه خراب ممنهج، خطة مرسومة لإسقاط شعوب وتفتيت شعوب، إنه خراب ممنهج هؤلاء الذين يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، لماذا ممنهج؟ وهي عقلية قديمة استعملها اليهود على مدى التاريخ كله، فقالت: ماذا كان يفعل اليهود؟