بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، لا عزّ إلا في طاعتك، ولا نعيم إلا في رضاك، ولا سعادة إلا في التذلل بين يدي عظمتك، والصلاة والسلام على أسعد الأنام من نشر السلام، والوئام في جنبات الأرض كلها، وعلى آله وصحبه الغرّ الميامين.
الملحد الأول يقول: لقد جئت إلى هنا إلى مصر باحثا عن الحقيقة، فإني على يقين أن الأنبياء لم يقدموا شيئا للناس، ولذا لم يدفعوا الضر عن أنفسهم، ولو كانوا قادرين ما عذبوا، ولو كانوا قادرين ما تحملوا الأذى، وإنما كان إلههم يدفع الضرّ عنهم، وبالتالي فإنَّ الأنبياء عبارة عن تزييف لعقول البشر، ومحاولة لإشعار الإنسان أنه كان في حاجة إلى من يعلمه، ومن يقوده، ويبصره فاقتنع الناس أن الأنبياء قادة وأئمة ينبغي التسليم لهم، وأن الأنبياء لو كانوا على حقّ؛ لتمكنوا من قلوب الناس، ولأجمع الناس عليهم.
فضيلة الدكتور يقول: أحبتي الكرام، هذا كلام جيد على عقولكم، وأنا حريص أن أناقشهم بفكرهم، وعلى ما يعتقدون فيه.
الملحد الأول يقول: لسنا في حاجة إلى الأنبياء، ويكفي أن العقل البشري والضمير البشري قادر على أن يضبط إيقاع حياة الناس، وأن الأنبياء عندما بعثوا شتتوا شمل شعوبهم وفرّقوا بينهم، وجعلوا العبيد سادة، وجعلوا السادة عبيدا وهذا كلام خطأ، والملحد يصرّ على أن رسالات الأنبياء لم تقدم جديدا إلى عالم البشر، وأنَّ البشر كان يمكن أن يكون عندهم اكتفاء أخلاقي ذاتي دون الحاجة إلى معلمين أو أنبياء.
الأنبياء أناس أصحاب خبرة وعزيمة
أحبتي الكرام، إن المنطق يقول لك: إن الناس كي تستمر حياتهم يحتاجون إلى من ينظمون لهم الحياة، ونعتبر أن الأنبياء أناس أصحاب خبرة، ونفترض أنهم من أصحاب عزيمة من الأعيان، ولم يبعثهم الله، ولنفترض ذلك - أيضا - أنهم من كبار القوم، وقد اختارهم القوم لكي يعيدوا تنظيم حياتهم، كما هو الحال مع رؤساء الدول وهكذا، فهل تنكر ذلك أيها الملحد؟!
الملحد يجيب: لا أنكر ذلك.
فضيلة الدكتور يقول للملحد: ماذا لو تركنا الشعوب دون حكام، ودون زعماء ودون رؤساء وقادة؟!
الملحد يجيب: النتيجة هي دمار الكون.
فضيلة الدكتور يسأل الملحد: قياسا على هذا، فإن الأنبياء يقودون الجانب الروحي في علاقة الإنسان بالله سبحانه وتعالى؛ فالإنسان يحتاج دوما إلى من يهذّبه ويعلّمه.
الملحد الثاني يسأل فضيلة الدكتور، ويقول: أليس الضمير كافيا لأن يغني عن الأنبياء؟
فضيلة الدكتور يسأل الملحد قائلا: أي ضمير؟
الملحد يجيب: ضمير البشر.
فضيلة الدكتور يقول للملحد: بماذا يحكم ضمير البشر؟
الملحد يقول: إن الضمير البشري المنصف يمكن أن يغني عن الأنبياء ورسالتهم.