الغفار

الغفار

اسم من أسماء الله تعالى الحسنى الذي يدل على أنه سبحانه وتعالى هو الذي يغفر الذنوب لعباده الذين يستغفروه، والغفار مصدر المغفرة ؛ فيقال: غفر يغفر مغفرة، والغفار هو الذي يستر عباده يوم القيامة لئلا يفتضحوا، وهو السائر لذنوب عباده وعيوبهم، وهو الذي ينسى العبد الذنب حتى كأنه لم يغفله، وهو الذي يتوب على عباده ويقبل التوبة ويمحو الذنوب بالتوبة، وهو الغفار الذي أظهر الجميل الحسن، وستر القبيح السيئ.

وورد اسم الغفار في القرآن الكريم في قوله – تعالى -: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّار}[ص:66].

وهناك ثلاثة أسماء مشتقة من الغفر، أولها: الغافر قال – تعالى -: {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير}[غافر:3].

والثانية: الغفور ؛ فقال – تعالى -: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً}[الكهف:58].

والثالثة: الغفار .

وقد ذكر اسمه – تعالى – الغفار خمس مرات وهي في قوله – تعالى -: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[طه:82].

{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّار}[ص:66].

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّار}[الزُّمَر:5].

{تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّار}[غافر:42].

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}[نوح:10].

يختص هذا الاسم بعدة خواص:

الأولى: أن الغفار هو في عزته وكبريائه يغفر ذنب من تاب إليه.

الثانية: أن الغفار هو الذي أظهر الجميل، وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها بإسبال الستر عليها في الدنيا والنجاة من عواقبها في الآخرة .

الثالثة: أن الغفار هو الذي يستر ويلبس العفو للمذنبين .

الرابعة: أن الغفار هو الساتر لذنوب عباده وعيوبهم، وهو الذي ينسي العبد الذنب حتى كأنه لم يفعله، وهو الذي يتوب على عباده، ويمحو الذنوب.

انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم:

اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى الغفار، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق لك عدة فوائد:

الأولى: يجعل المسلم ساترًا لعيوب إخوانه، وعدم إشاعتها لغير ضرورة، قال – تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون}[النور:19].

وقال النبي معافى المجاهرين:  ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه)) .

الثانية: يترك المسلم الغش والخداع:

قال – تعالى -: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}[الأحزاب:58].

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَسَأَلَهُ: كَيْفَ تَبِيعُ ؟ " ، فَأَخْبَرَهُ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنْ: أَدْخِلْ يَدَكَ فِيهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟، قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ؟، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا  مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا.

الثالثة: يبتعد المسلم عن الغدر:

قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيد}[المائدة:1].

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

((أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا  وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّث كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر))([3]).

الرابعة: يجعل المسلم دائمًا في ذكر الله تعالى:

قال – تعالى -: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِين}[الأعراف:205].

وقال النبي  - صلى الله عليه وسلم -: «أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْـرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْـرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْـرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُـمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ» قَالُوا: بَلَـى. قَالَ: «ذِكْرُ الله تَعَالَـى» 

الخامسة: يجعل المسلم دائم الاستغفار:

قال – تعالى -: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِين}[هود:52].

السادسة: يشعر المسلم بالاطمئنان على نفسه بعد التوبة في غفران الذنوب:

قال – تعالى -: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيب}[هود:61].

 

 

 

 

 

 

 

 




تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض