لا
باب لى إلا باب الله، هو الحصن الذى أعود إليه، ولا أستطيع فرارًا منه، ناصيتى بيده
ورزقى فى علمه، وما كتب لى بيده سبحانه وتعالى. كل الناس سوف يفارقونك يومًا ما، وكل متاع سوف يزول
عنك يومًا، ولكن يبقى لك وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
*تحضرنى
قصة تبين أن هذا كان دأب الصالحين العارفين فى كل مكان وزمان، فيزيدنى هذا رضًا ولجوءًا
لرب العالمين، قال ابن القيم رحمه الله فى مدارج السالكين: وهو يحكى عن بعض الصالحين
العارفين أنه رأى فى بعض السكك بابًا قد فتح، وخرج منه صبى يستغيث ويبكى، وأمه خلفه
تطرده حتى خرج، فأغلقت الباب فى وجهه، ودخلت فذهب الصبى غير بعيد، ثم وقف متفكرًا،
فلم يجد له مأوى غير البيت الذى أخرج منه، ولا من يؤويه غير والدته، فرجع مكسور القلب
حزينا، فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام، وخرجت أمه، فلما رأته
على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه، والتزمته تقبله وتبكى وتقول: يا ولدى، أين
تذهب عنى؟ ومن يؤويك سواى؟ ألم اقل لك: لا تخالفنى، ولا تحملنى بمعصيتك لى على خلاف
ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك، وإرادتى الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت.
*
وقع أحد الناس فى ضائقة وكان مبتلى بمس، واشتد عليه الخطب حتى آلمه وأقلقه، فذهب إلى
أحد طلاب العلم شاكيًا وقال: والله يا شيخ لقد عظم على البلاء وإنى أصبحت مضطرًا، فهل
يرخص لى فى إنسان ساحر أو كاهن يفك عنى هذا البلاء؟كان يتكلم بحرقة وألم وشدة، فوفَّق
الله طالب العلم إلى كلام شرح الله به صدر هذا الرجل، ثم قال له: إنى لأرجو الله عز
وجل أن يفرج عنك كربك إذا استعنت بأمرين أحدهما الصبر، والثانى الصلاة.
يقول
الرجل المبتلى بعد مدة لطالب العلم: قمت من عندك فصليت لله ركعتين.
أحسست
أننى مكروب قد أحاطت بى الخطوب فاستعذت بالله واستجرت، وإذا بى فى صلاتى فى السجود
أحس بحرارة شديدة فى قدمى، ما سلمت إلا وكأن لم يكن بى من بأس.
*
يذكر أن رجلًا مرة تنكدت عليه وظيفته فبقى فى حزن، وشاء الله أن لقيه بعض الصالحين
فيحكى أنه فقال له: هناك من يحل لك الموضوع ويكفيك همَّك قال: يؤثر على فلان؛ رئيس
الإدارة؟. قلت: نعم يؤثر، قال: تعرفه؟ قلت: نعم أعرفه، قال: تستطيع أن تكلمه؟، قلت:
نعم أكلمه وتستطيع أن تكلمه أنت، قال: أنت كلّمه جزيت خيرًا، قلت: ما يحتاج، قال: من؟،
قلت: الله، لا تتخذ غير الله ناصرا ومعينًا ووكيلا.