من أركان تجديد الفكر الإسلامي الدعوة: والمقصود بها الإسلام كدين، لأنه هو موضوع تجديد الفكر الإسلامي. والدين الإسلامي دين إلهي شامل قائم على الفطرة والوسطية والعلم والأخلاق، وهو دين من عند الله تعالى سالمٌ من الاختلاف والنقص والظلم والتعارض والهوى. وهو دين يوفق العلم الصحيح والعقل السليم ويجل العلماء ويمجدهم ويعلي من قيمة العلم والعقل ومكانتهما. وهو دين شامل للإنس والجن والزمان والمكان وكل شئون الدنيا والآخرة. وهو دين الفطرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاّ يُولَدُ عَلَىَ الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوّدَانِهِ وَيُنَصّرَانِهِ وَيُمَجّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟). ثُمّ يَقُولُ أَبُوهُرَيْرَةَ: وَاقْرَأوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [ الروم : 30]. والدعوة الإسلامية على مر العصور قائمة على التسامح والرفق والتعامل مع الآخر بلا حرج، لقد أعطت الدعوة الإسلامية الأمان للمخالفين ولم تبخثهم حقوقهم وتقبلتهم في علاقات حسن الجوار والمشاركة المجتمعية. وما أكثر الآيات القرآنية التي تدعو إلى التسامح والرفق بالمسلمين وغير المسلمين قال الحق - تبارك وتعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8، 9]. وحض النبي - صلوات الله وسلامه عليه - على التسامح، وحبَّبه إلى المسلمين بقوله وفعله؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن ظلم معاهَدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة)) وهو دين الأخلاق في الحديث النبوي الشريف: وفي الحديث ((إِنّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقاً)) فالدعوة تتميز بأنها ربانية المصدر ، عاملية الانتشار، شمولية المنهج، تراعي الواقع وتنظر إلى المدعوين نظرة إيجابية للكون والحياة والإنسان ، وتقوم على الأخلاق في الوسائل والأهداف.