ما رأى الدين فى العلاقة بين الشباب والفتيات (الحب)؟
أعزكم الله ،وأحبكم، ورفع شأنكم، وأعلى ذكركم
أشعر بما أنتم فيه من معاناة، وإنى لأعلم أن منكم من يستلطف هذه المعاناة أحياناً إلا أن القلق والشعور بالذنب الذى يختلج القلوب مؤشراً صادقاً على الإحساس باستهجان هذه العلاقة وبغضها، وأن منكم من يشعر بذلك ويعيش خداع الذات، وآخرون يحملهم ذلك على استنكار تصرفاتهم وحساب أنفسهم أليس كذلك؟!
أحبتى فى الله .. لنملأ قلوبنا ثقة بالله بأنه تبارك وتعالى أرأف بعباده من أن يأمرهم ما لا يستطيعون فعله؛ أو ينهاهم عن شىء لا يستطيعون تركه، فلقد قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ، فيا من أجريت علاقة محرمة مع تلك الفتاة فو الله إنك تستطيع التخلص من هذه العلاقة؛ لأن الله ينهاك عنها، والله لا ينهاك عن شىء لا تستطيعه. فهذا قول الله فهل ستصادمه؟!
وأنت يا أخت الإسلام .. هذا قول الله وهو أصدق القائلين فلا أظنك تعارضينه.
ألا ترون عجباً عندما تتأملون حال المرأة فى المسجد؛ وذلك عندما يسهو الإمام فى صلاته فإنه يشرع فى حق المرأة بالتصفيق لا بالكلام أما الرجل فيقول سبحان الله،، لاحظوا معى أن الأمر فى صلاة والإنسان فى العبادة أبعد عن المعصية، ثم إنهم فى بيت من بيوت الله له احترامه وتكريمه أبعد عن دناءة الأخلاق، مع ذلك فقد يفتن الرجل بصوت المرأة إذا تكلمت، فلا يجوز لها أن تتلفظ بقول "سبحان الله"، ولاحظوا أيضاً أن لفظة سبحان الله ذكر مجرد من أى مغزى يجر للرذيلة! لا تصريحاً ولا تلميحاً!
فإذا كان صوتها قد يفتن المصلين، وهى فى بيت من بيوت الله ولأمر من مصلحة فكيف بغير ذلك أيها الفطناء؟! فكيف بالمحادثات التى تمتد إلى الساعات وفى الخلوات؟!
وقال الله فى كتابه العزيز مخاطباً أمهات المؤمنين: { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} فهذا أمر من الله لنساء النبى صلى الله عليه وسلم بعدم الخضوع فى القول والتكسر فى الحديث، وعلل ذلك لئلا يطمع الذى فى قلبه مرض، والمرض هنا مرض الشهوة كما جاء فى تفسير الآية.
فلاحظوا أن هذا الخطاب موجه للفتيات العفيفات أبعد الناس عن لوثة المعاصى زوجات النبى صلى الله عليه وسلم ردًّاً على من يتظاهر بالثقة فى نفسه، فما الرجال فى هذا الزمن بأكثر يقظة وثقة وأمانة وعدالة من الصحابة رضى الله عنهم، وأما نساء اليوم فلسن والله بأطهر من نساء النبى صلى الله عليه وسلم . فليعرف كل منا حجمه، فرضى الله عنهم وأرضاهم شعارهم سمعنا وأطعنا وشعارنا مخادعة النفس جدل الآخرين إلا من رحم الله.
قال تعالى: { وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِن} أى على المرأة أن تمشى بهدوء حتى لا يسمع الرجال صوت خلخالها فيفتنون، فإذا كان إظهار صوت الخلخال لا يجوز فكيف بصوت المرأة المصحوب بالتميع والتكسر والضحكات والهمسات؟!
ثم يأتى البعض ويقول بأنه حين المقصد يجرى المحادثة الشيطانية ويزعم بأنه سليم النية وطاهر القلب ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ما فى الباطن ينعكس على الظاهر فأعطانا قاعدة جليلة فقال صلى الله عليه وسلم : "إلا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله" ألا وهى القلب).
فهذا الحديث رد قاطع على من يعمل أعمالاً باطلة، ويزعم بأنه سليم المقصد، وأن قلبه ذو صفاء ونقاء، كما يزعم البعض ويلطف فعلته بأن نواياه حسنة ومقصده سليم، فيتحدث ويقطع الأوقات بالكلام المسموم ويرضى شهوته ويشبع نهمته بالحرام ثم إذا أفاق من سكرته زعم أن قلبه طاهر نقى!!
ولو كان قلبه سليماً نقياً لرأينا صلاحاً فى الأعمال والأقوال؛ لأن القلب أمير الجوارح، لو صلح القلب صلحت الأعضاء، ولكن لما كان قلبه فيه خلل وفساد ظهر ذلك على الأعمال والأقوال.
لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إلا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب) .
ثم أيها العابثون بالأعراض- لو زعمتم أن علاقتكم تلك لا تتعدى مجرد الحديث لكان ذلك كافياً فى إدانتكم وشاهداً على جريمكتم؛ لأن اللسان يزنى وزناه الكلام والسمع يزنى وزناه الاستماع: فلقد جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كتب الله تعالى على كل نفس حظها من الزنى) وجاءت زيادة حكم عليها الشيخ الألبانى بالصحة: (فالعين تزنى وزناها النظر واللسان يزنى وزناه الكلام واليد تزنى وزناها البطش والرجل تزنى وزناها المشى والسمع يزنى وزناه الاستماع ويصف ذلك الفرج أو يكذبه).
ولقد أودع الله سبحانه وتعالى شهوة فى الجنسين ليميل كل إلى الآخر لحكم يعلمها الله منها التكاثر وحفظ النوع البشرى، وجعل هذه العلاقة يحددها ضابط شرعى وهو الزواج، وحرم الزنى وكل الطرق الموصلة إليه من السمع والنظر، فقال تعالى: { وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}.
وقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ }.
فأمر الله بقطع الطرق الموصلة للزنى، والعلاقة المحرمة من محادثة الجنسين من الطرق الموصلة لذلك كما هو معلوم للجميع.
ومما يساهم فى إيجاد الرغبة لتكوين العلاقة بين الجنسين عدم الخوف من الله ومراقبته ما يكون من رؤية النساء فى القنوات والمجلات وما يحدث من الاختلاط، كذلك خروج بعض النساء إلى الأسواق متعطرات متبرجات، تتكسر الواحدة منهن فى الكلام مرتدية ما تسميها عباءة تكشف عن بعض مفاتنها، فتبدو فى كلامها ومشيتها وزينتها وكأنها بغى تعرض نفسها!
وأيضاً ما يكتب فى ساحات المنتديات وحوارات الشات والماسنجر يكتبون ويتحدثون وكأن الله لا يعلم جهرهم وسرهم بل ونجواهم وما يكتمون، وكأنهم غير محاسبين على ما يعملون!
قال تعالى: { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}.
كذلك مما يغرى ويرغب فى تكوين تلك العلاقات: الاستماع إلى الغناء، وأكاد أجزم بأنه لا يوجد من يستمع للأغانى إلا ويحدث نفسه بالنساء والزنى؛ لأن الغناء رقية الزنى وبريده، والداعى صراحة للفجور، ولا يخرج موضوع الغناء غالباً عن إطار هذه العلاقة المحرمة، من التغنى بصفات المرأة ومحاسنها، والمواعيد واللقاءات المظلمة، وإظهار اللوعة والتحسر على فوات الفاحشة.
ولا يغرنا احتفاء الإعلام من القنوات والصحف والمجلات بالمغنيين والمغنيات فإنهم من أراذل الناس وأفسقهم وإن لمعهم الإعلام ووصفهم بالنجومية، فإننا نعرف أن النجم يهدى السارى الطريق، وهؤلاء المغنون الغافلون إنما يضلون ولا يهدون، وإن الألفاظ لا تغير من الحقائق شيئاً، وكان الأجدر بالإعلام أن يوقف شر هذا السرطان الذى سرى فى شباب الأمة وفتياتها فوأد الحشمة ونحر العفة فلله المشتكى قال تعالى:{ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ. فما فائدة المحبة المزعومة عندما تنقلب إلى عداوة وتفتضح الأسرار وتبدو الفضائح على مسمع ومرأى الأولين والآخرين، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فقيل هذه غدرة فلان ابن فلان" رواه مسلم وغيره.
بما ستحتال أخى حينها؟! وبأى عذر أختى بم ستبررين ذلك الموقف العصيب؟ّ لا سبيل للجحود والتبريرات، قال تعالى: { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. فهذا ما تجر إليه العلاقات من خزى فى الآخرة نعوذ بالله من ذلك المصير.
وقبل ذلك الخزى خزى ونكال فى الدنيا قال الله تعالى: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
قال الإمام أحمد رحمه الله: [لا أعلم ذنباً أعظم بعد الشك والقتل من الزنى].
أيضاً من جملة الخزى والعذاب ما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم من عذاب الزناه أنهم يكونون رجالهم ونساؤهم عراة فى تنور، أسفله واسع وأعلاه ضيق يعذبون؛ يصالون النار ولهم صراخ جزاء بما كانوا يصنعون ولا يظلم ربك أحداً.
وأخيراً.. تذكروا إخوانى وأخواتى.. أن الدنيا مهر الجنة، وأن الدنيا دار امتحان فطبيعى أننا سنرى أشياء مغرية ومفتنة، ولو أن الله ما أودع فينا رغبة وشهوة لما أهبط أبينا آدم من الجنة، ولكن الله جعلنا نرغب ونشتهى فإذا امتنع أحدنا ، خوفاً منه وطمعاً فيما عنده، يكون هو الفطن الذى علم بأن هذه الدار إنما هى دار تحصيل، والعاقل لا يبيع الجنة من أجل لذة تنقضى ويبقى إثمها وألمها وحسرتها، ولكنه بعيد الأفق يعيش فى الدنيا وقلبه معلق بالآخرة ونعيم الجنة حيث مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فى أبد لا يزول، قال الله تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فى روضات الجنة يتقلب وعلى الأسِرَّة يجلس وعلى الفراش التى بطائنها من استبرق يتكئ وبأنواع الثمار يتفكه ويطوف عليه من الولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون،.. ويطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون،فى قصور الجنة ينظرون إلى الرحمن تبارك تعالى ويمتعون أنظارهم، ويلتقون بصفوة البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه الأنبياء وصحبهم الكرام، نعيم لا يوصف، لا هم ولا كدر، لا عرق ولا أذى، لا قذر ولا حيض ولا نفاس، لا تعب ولا نصب، قال الله تعال: { لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِين} ولا نوم لكى لا ينقطع النعيم بنوم، ولا عبادة تنشأ إلا لمن أراد أن يتلذذ بها فهى دار جزاء لا دار عمل.
فنزهوا النظر إخوتى فى الله، طهروا السمع واحفظوا الفروج؛ ليكون الجزاء من جنس العمل لتسعدوا بالحور العين ونساء الجنة التى نصيفها (خمارها) خير من الدنيا وما فيها ولو بزقت فى البحر الأجاج لجعلته عذباً، وأن مخ سوقها ليرى من شدة الحسن.. ولقد جاء فى القرآن والسنة وصف الحور العين بما يعجب له المرء من الحسن والبهاء واللطافة والتغنج والتغنى.
وأنت أختى تذكرى أن المرأة فى الجنة سيدة الحور العين، فإذا انبهرنا بجمال وحسن الخادمات فكيف بسيداتهن؟
فهل سننتهى ونعلنها توبة إلى الله، أم أننا سوف نسوف أيضاً؟!
فكم من محدث للتوبة مات قبل أن يدركها وهو يظن أنه سيتوب قبل الممات.
إذا هبت رياحك فاغتنمها
** فإن الريح من عادتها السكون
اللهم اجعلنا ممن إذا أعطى شكر وإذا ابتلى صبر وإذا أذنب استغفر وإذا ذكر اتعظ.