قضاء الدَّين: ومن الأمور التي تؤثر في تركيبة الإنسان وفي سرحان
ذهنه، وتشتت عقله هو (الدَّين)، وهو مشكلة كبيرة تعتري الناس، وقد تعوّذ النبي
الكريم صلى الله عليه وسلم من الدَّين، وكان الصحابة الكرام يتعجبون من كثرة قول
النبي الكريم في علاج الدين: (اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم) [صحيح
البخاري، باب الدعاء قبل السلام، 1/166]، المأثم هي الأشياء التي تعجل بالمعصية،
والمغرم هي الأشياء التي تجعل الإنسان غارما أي مدينا، وهناك ارتباط بين المأثم
والمغرم؛ لأن الإنسان المدين يقع في الإثم فلو أن هناك إنسانا محترما استدان بعض
المال لقضاء حاجة معينة، ولكن الظروف اشتدت عليه، والظروف قاسية عليه، وهو لا
يستطيع رد هذا الدين، ولا يستطيع أن يواجه الإنسان الذي أخذ منه المال فيختفي عنه
ويخفي نفسه عنه، ويضطر للكذب بأن يقول: سأسدد لك الأموال في وقت كذا ويأتي الوقت
وأنت لا تستطيع قضاء الدين، ولهذا فقد ربط النبي الكريم بين المأثم والمغرم؛ لأن
الدين كان سببا في أن جعلك إنسانا كذابا، وأنت لم تكن كذلك وأنت لست أصلا من أولئك
الناس الذين يستحلّون أموال الناس بالباطل؛ فنيتك حسنة في إرجاع هذه الأموال ولكن الظروف شديدة عليك
وأنت لا تقدر، ومن هنا كان خطورة الدين وارتباطه بالمأثم كما بين النبي الكريم،
صلوات ربي وسلامه عليه، كما أن الأمر يتطور بعد ذلك إلى الزور وإلى الهم ويتحوّل
الإنسان المدين إلى إنسان مهموم، ثم يتحول إلى إنسان مريض، وهكذا فإن الدين يؤدي
في النهاية إلى المرض.