الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

      الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
التعريف بعمر بن الخطاب رضي الله عنه
هو عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو حفص: ثاني الخلفاء الراشدين، وأول من لقب بأمير المؤمنين، الصحابي الجليل، الشجاع الحازم، صاحب الفتوحات، يضرب بعدله المثل.
كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم، وله السفارة فيهم، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. وهو أحد العمرين اللذين كان النبي صلّى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يعز الإسلام بأحدهما. أسلم قبل الهجرة بخمس سنين، وشهد الوقائع. قال ابن مسعود: ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر. وقال عكرمة: لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر. وكانت له تجارة بين الشام والحجاز.
خلافته رضي الله عنه:
وبويع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر (سنة 13 هـ) بعهد منه. وفي أيامه تم فتح الشام والعراق، وافتتحت القدس والمدائن ومصر والجزيرة. حتى قيل: انتصب في مدته اثنا عشر ألف منبر في الإسلام. وهو أول من وضع للعرب التاريخ الهجريّ، وكانوا يؤرخون بالوقائع. واتخذ بيت مال المسلمين، وأمر ببناء البصرة والكوفة فبنيتا. وأول من دوَّن الدواوين في الإسلام، جعلها على الطريقة الفارسية، لإحصاء أصحاب الأعطيات وتوزيع المرتبات عليهم. وكان يطوف في الأسواق منفردا. ويقضي بين الناس حيث أدركه الخصوم. وكتب إلى عماله: إذا كتبتم لي فابدءوا بأنفسكم.
وروى الزهري: كان عمر إذا نزل به الأمر المعضل دعا الشبان فاستشارهم، يبتغي حدة عقولهم. وله كلمات وخطب ورسائل غاية في البلاغة. وكان لا يكاد يعرض له أمر إلا أنشد فيه بيت شعر. وكان أول ما فعله لما ولي، أن ردَّ سبايا أهل الردة إلى عشائرهنّ وقال: كرهت أن يصير السبي سبة على العرب.
وكانت الدراهم في أيامه على نقش الكسروية، وزاد في بعضها "الحمد للَّه" وفي بعضها "لا إله إلا الله وحده" وفي بعضها "محمد رسول الله". له في كتب الحديث 537 حديثا. وكان نقش خاتمه: " كفى بالموت واعظا يا عمر " وفي الحديث: "اتقوا غضب عمر، فإن الله يغضب لغضبه".
لقَّبه النبي صلى الله عليه وسلّم بالفاروق، وكناه بأبي حفص. وكان يقضي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صفته رضي الله عنه:
قالوا في صفته: كان أبيض عاجي اللون، طوالا مشرفا على الناس، كث اللحية، أنزع (منحسر الشعر من جانبي الجبهة) يصبغ لحيته بالحناء والكتم.
قصة إسلامه:
وعند الطبراني عن ثَوْبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللَّهمَّ أعز الإِسلام بعمر بن الخطاب» ، وقد ضرب أخته أول الليل، وهي تقرأ: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} حتى ظنَّ أنه قتلها، ثم قام في السَحَر فسمع صوتها تقرأ: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال: والله ما هذا بشعر ولا همهمته. فذهب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد بلالاً على الباب فدفع الباب؛ فقال بلال: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب. فقال حتى أستأذن لك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بلال: يا رسول الله، عمر بالباب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن يرد الله بعمر خيراً يدخله في الدين» ، فقال لبلال: افتح، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضَبُعَيه وهزّه، وقال: ما الذي؟ وما الذي جئت؟» فقال له عمر: أعرض عليَّ الذي تدعو إليه. فقال: «تشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله» . فأسلم عمر مكانه.
وفاته رضي الله عنه:
قتله أبو لؤلؤة فيروز الفارسيّ (غلام المغيرة بن شعبة) غيلة، بخنجر في خاصرته، وهو في صلاة الصبح. وعاش بعد الطعنة ثلاث ليال، ثم توفي سنة 23هـ.
رحم الله أبا حفص، كان - والله - حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحلَّ الإيمان، ومعاذَ الضعفاء، ومعقلَ الحنفاء، للخَلْق حصناً، وللناس عوناً، قام بحق الله صابراً محتسباً حتى أَظهر الله الدين وفتح الديار، وذُكِر الله في الأقطار والمناهل وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع، وعند الخَنى وقوراً، وفي الشّدة والرخاء شكوراً، ولله في كل وقت وأَوان ذكوراً، فأَعقب الله من يبغضه اللعنة إِلى يوم الحسرة.
 
تأثيره رضي الله عنه القلبي في الناس:
أخرج ابن سعد عن أستق قال: كنت مملوكاً لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنا نصراني. فكان يعرض عليَّ الإِسلام ويقول: إِنَّك إن أسلمت استعنت بك على أمانتي، فإنه لا يحلُّ لي أن أستعين بك على أمانة المسلمين ولست على دينهم، فأبيت عليه، فقال: لا إِكراه في الدين. فلما حضرته الوفاة، أعتقني وأنا نصراني، وقال: اذهب حيث شئت.
وأخرج الدارقطني، وابن عساكر عن أسلم قال: لمَّا كنَّا بالشام أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بماء توضأ منه. فقال: من أين جئت بهذا الماء؟ فما رأيت ماء عذباً ولا ماء السماء أطيب منه. قلت: جئت به من بيت هذه العجوز النصرانية. فلما توضأ أتاها فقال: أيتها العجوز، أسلمي، بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، فكشفت عن رأسها فإذا مثل الثغامة، فقالت: عجوز كبيرة، وإنما أموت الآن. فقال عمر: اللَّهم أشهد. كذا في الكنز.
      مؤاخذة عمر أمير حمص على بنائه العِلَيَّة
وأخرج ابن عساكر، عن عروة بن رُوَيم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصفَّح الناس، فمر به أهل حمص، فقال: كيف أميركم؟ قالوا: خير أمير إلا أنّه بني عِلِيَّة يكون فيها. فكتب كتاباً وأرسل بريداً، وأمره أن يحرقها. فلما جاءها جمع حطباً وحرق بابها. فأخبر بذلك فقال: دعوه فإنه رسول؛ ثم ناوله الكتاب، فلم يضعه من يده حتى ركب إِليه. فلما رآه عمر رضي الله عنه قال: ألحقني إلى الحرَّة - وفيها إبل الصدقة -. قال: انزع ثيابك، فألقى إِليه نمرة من أوبار الإِبل، ثم قال: افتح واسق هذه الإِبل، فلم يزل ينزل حتى تعب، ثم قال: متى عهدك بهذا؟ قال: قريب يا أمير المؤمنين، قال: فلذلك بنيت العِلِّيَّة وارتفعت بها على المسكين، والأرملة، واليتيم. ارجع إلى عملك لا تَعُدْ. كذا في كنز العمال.
 
قصته مع شيخ كبير:
وأخرج أبو الشيخ عن السُّدِّي قال: خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإذا هو بضوء نار ومعه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأتْبَع الضوء حتى دخل داراً فإذا بسراج في بيت، فدخل وذلك في جوف الليل، فإذا شيخ جالس وبين يديه شراب وقَيْنة تغنِّيه، فلم يشعر حتى هجم عليه عمر، فقال عمر: ما رأيت كالليلة منظراً أقبح من شيخ ينتظر أجله فرفع رأسه إليه، فقال: بلى، يا أمير المؤمنين ما صنعت أنت أٌبح أتجسست وقد نُهي عن التجسس، ودخلت بغير إذن؟ فقال عمر: صدقت. ثم خرج عاضاً على ثوبه يبكي وقال: ثكلت عمر أمه إن لم يغفر له ربه، يجد هذا كان يستخفي به من أهله فيقول الآن رآني عمر فيتتابع فيه. وهجر الشيخ مجلس عمر حيناً، فبينا عمر بعد ذلك جالس إذ به قد جاء شبه المستخفي حتى جلس في أخريات الناس، فرآه عمر فقال: عليَّ بهذا اشيخ، فأُتي فقيل له: أجب، فقام وهو يرى أن عمر سيسوءه بما رأى منه، فقال عمر: ادنُ مني، فما زال يدنيه حتى أجلسه بجنبه، فقال: ادنِ مني أذنك، فالتقم أذنه فقال: أما والذي بعث محمداً بالحق رسولاً ما أخبرت أحداً من الناس بما رأيت منك ولا ابن مسعود فإنه كان معي، فقال: يا أمير المؤمنين أدنِ مني أذنك، فالتقم أذنه فقال: ولا أنا والذي بعث محمداً بالحق رسولاً ما عدت إليه حتى جلست مجلسي هذا، فرفع عمر صوته يكبِّر، فما يدري الناس من أي شيء يكبر. كذا في الكنز.
 
محبة الناس له رضي الله عنه:
عن أبي أروى الدوسي، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلع أبو بكر وعمر، فقال: "الحمد لله الذي أيدني بكما".
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع الحق على لسان عمر وقلبه".
وقالت عائشة: قال أبو بكر: ما على ظهر الأرض رجل أحب إلي من عمر.
وقال ابن مسعود: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر؛ إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله وأفقهنا في دين الله.
وأخرج بن عساكر عن عاصم قال: جمع أبو بكر رضي الله عنه الناس وهو مريض فأمر من يحمله إلى المنبر، فكانت آخرَ خطبة خطب بها، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس، احذروا الدنيا ولا تثقوا بها فإنها غرَّارة، وآثروا الآخرة على الدنيا فأحبوها، فبحب كل واحدة منهما تبغض الأخرى؛ وإِن هذا الأمر الذي هو أملك بنا لا يصلح آخره إِلا بما صلح به أوله، فلا سيحمله إِلا أفضلكم مقدرة، وأملككم لنفسه، أشدكم في حال الشدة، وأسلسكم في حال اللين، وأعلمكم برأي ذوي الرأي، لا يتشاغل بما لا يعنيه، ولا يحزن بما لا ينزل به، ولا يستحيي من التعلم، لا يتحير عند البديهة، قوي على الأموال، ولا يخون بشيء منها حدّة بعدوان ولا يقصِّر، يرصد لما هو آتٍ، عتاده من الحذر والطاعة - وهو عمر بن الخطاب. ثم نزل. كذا في كنز العمال.
عن الأحنف بن قيس رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن قريشاً رؤوس الناس لا يدخل أحد منهم في باب إلا دخل معه فيه طائفة من الناس. فلم أدرِ ما تأويل قوله في ذات حتى طُعن، فلما احتُضر أمر صهيباً رضي الله عنه أن يصلي بالناس ثلاثة أيام، وأمر أن يُجعل للناس طعام فيطعموا حتى يستخلفوا إنساناً، فلما رجعوا من الجنازة جيء بالطعام، ووضعت الموائد، فأمسك الناس عنها للحزن الذي هم فيه، فقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات فأكلنا بعده وشربنا، ومات أبو بكر رضي الله عنه فأكلنا بعده وشربنا، وإنه لا بدَّ من الأكل فكلوا من هذا الطعام، ثم مصّ العباس يده فأكل ومدَّ الناس أيديهم فأكلوا، فعرفت قول عمر: إنهم رؤوس الناس. كذا في الكنز.
وعن ابن عمر قال: وضع عمر بين القبر والمنبر، فجاء علي حتى قام بين الصفوف، فقال: رحمة الله عليك ما من خلق أحب إليّ من أن ألقى الله بصحيفته بعد صحيفة النبي صلى الله عليه وسلم من هذا المسجى عليه ثوبه.
مواقف هدايته رضي الله عنه لغيره:
قام عمر رضي الله عنه في الناس فقال: إنَّ الحجاز ليس لكم بدار إلا على النُّجعة، ولا يقوَى عليه أهلُه إلا بذلك، أين الطُّراء المهاجرون عن موعود الله؟ سيروا في الأرض التي وعدكم الله في الكتاب أن يورثَكُموها، فإنه قال: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ} (الفتح: 28) والله مظهرُ دينه، ومعزّ ناصرِه، ومُولي أهلِه مواريث الأمم، أين عبادُ الله الصالحون؟.
فكان أول منتدب أبو عُبيد بنُ مسعود، ثم ثنّى سعد بن عبيد - أو سَلِيط بن قيس - رضي الله عنهم. فلما اجتمع ذلك البَعْث قيل لعمر: أمِّرْ عليهم رجلاً من السابقين من المهاجرين والأنصار. قال: لا والله لا أفعل، إِن الله إنَّما رفعكم بسبقكم، وسرعتكم إلى العدوّ، فإذا جبنتم وكرهتم اللقاء فأولى بالرياسة منكم مَنْ سبق إلى الدَّفْع وأجاب إِلى الدعاء. والله لا أؤمر عليهم إلا أوّلهم انتداباً؛ ثم دعا أبا عُبيد وسَلِيطا وسعداً، فقال: أما إِنكما لو سبقتماه لولّيتكا ولأدركتما بها إلى ما لَكما من القِدْمة؛ فأمَّر أبا عُبيدٍ على الجيش وقال لأبي عُبيد: اسمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأشرِكهم في الأمر، ولا تجتهد مسرعاً حتى تتبين؛ فإنَّها الحرب، والحرب لا يُصلحها إلا الرجل المكِيث الذي يعرف الفرصة والكفَّ.
وأخرج ابن راهَوَيْهِ، والبيهقي عن أبي زُرعة بن عمر قال: بعث عمر بن الخطاب جيشاً وفيهم معاذ بن جبل رضي الله عنهما، فلما ساروا رأى معاذاً، فقال: ما حبسك؟ قال: أردت أن أصلِّي الجمعة ثم أخرج. فقال عمر: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الغَدْوة والرَّوْحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها؟» كذا في كنز العمال.
وأخرج مالك عن ابن أبي مُلَيكة قال: إنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت، فقال لها: يا أمَةَ الله لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك، فجلست. فمر بها رجل بعد ذلك، فقال: إن الذي كان نهاك قد مات فاخرجي. قالت ما كنت لأطيعه حياً وأعصيَه ميتاً. كذا في كنز العمال.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض