فقه علاج المشكلات والأزمات ومعنى الشفاء

الرئيسية المقالات مقالات دينية

فقه علاج المشكلات والأزمات ومعنى الشفاء

فقه علاج المشكلات والأزمات ومعنى الشفاء
وإني على يقين أن جميع المشكلات التي يتعرض لها الناس في حياتهم لابد أن لها علاجا واضح المعالم إما في كتاب الله تعالى، وإما في سنّة رسوله الأعظم -صلوات ربي وتسليماته عليه- وإما في عمل الصحابة، أو في عمل التابعين أو في عمل السلف، ونحن نحاول تلمس الطريق إلى أن نعالج الإنسان؛ فداخل هذا الإنسان توجد ثورات داخلية تتفاعل بداخله وتكون سببا في كثرة الهم والقلق والكرب الذي يصيب الإنسان، وإذا استسلم الإنسان لها يبدأ الجسم في حالة الانهيار.
والإنسان في هذه الحالة يحتاج دائما إلى حصن حصين، يحتاج إلى كهف يأوي إليه، ولذلك كان حديثنا في الأساس الهجرة إلى الإيواء، الهجرة إلى السند، الهجرة إلى العون، ويقول الإمام علي - رضي الله تعالى عنه – "كنا اذا اشتد البأس اتقينا برسول الله"، [ذخيرة العقبى في شرح المجتبى نوع آخر من الذكر بعد التكبير، 11/396]، ويقول تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]، هذا هو العلاج {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52].
إن الشفاء في القرآن الكريم، وفي السنة أمر لا خلاف عليه، والله تعالى ذكر هذا، يقول تعالى: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14]، بل إن الشفاء - أيضا - لغير المؤمنين، وعندنا أحاديث ثابتة في البخاري تُشير إلى هذا.
وقد رأيت في المراكز الإسلامية في أوروبا في أثناء رحلتي الدعوية بعض الأوربيات غير المسلمات يضقن ذرعاً بالحياة المادية الصرفة، ولا يجدن في الكنيسة لهفة ولا غوثاً، فيذهبن إلى مركز إسلامي على سبيل التجربة، ويجلسن يستمعن القرآن، وفجأة سبحان الله، الجسم ينهار، ثم يتوازن، ينهار، ثم يتوازن حتى يهدأ البدن تماما؛ وهي غير مسلمة، وهذا هو معنى قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52].
إذن فأنت أيها الإنسان تستمد روحك وعزيمتك من القرآن والسنة، يقول تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}[الأنعام:122]؛ فاسترداد الروح بمعنى استرداد العزيمة، وهذه الروح والعزيمة تعطيك قدرة على زيادة المناعة في الجسم، وهو الشق الأول؛ حيث يبدأ الجسم في التعافي والاستقواء، والتغلب على أمراض توصف عند الأطباء بأنها أمراض مستعصية - سلمكم الله تعالى وأحبكم وأعزكم وأذاقنا وإياكم حلاوة الإيمان وبرد الإيمان - والإنسان – أيضا - يستمد الروح التي تساعده على مواجهة الظروف الصعبة الخارجية مهما كانت هذه الظروف، ومهما كانت شدتها على الإنسان.
إنَّ كل جزء في الإنسان، كل جارحة في الإنسان تحتاج إلى توافق مع بقية الجوارح من أجل تنظيم إيقاع البدن، فإذا أراد الإنسان أن يمشي مسافة معينة؛ فالجسد يصدر إشارة معينة ويرسلها إلى المخ، ثم يقوم المخ بإصدار علامات معينة، وإشارات معينة، وتلك الإشارات لابد أن تأتي في وقتها وموعدها؛ فلو تأخرت هذه الإشارات لتعطلت حركة الجسم.
ومثال ذلك: الذي يريد أن يأكل، ويمسك المعلقة في يده، ثم يرفع يده، ويرفع، ويرفع؛ فبمجرد أن تصل الملعقة إلى فمه فإن الفم يُفتح، ولو حدث تعطيل مثلا في حركة اليد، أو تعطيل بحركة الفم مثلا بمعنى عدم وجود توافق بين حركة اليد وحركة الفم تحدث - عندئذ - مشكلة كبيرة في التواصل بين اليد والفم.
ويأتي ذكر الله عز وجل وجلا جلاله؛ ليحدث هذا التوافق العجيب بين حركة الأعضاء نفسها؛ فلو كان هناك إنسان – مثلا – جالسا، وخدرت رجله، وشعر بالتنميل في الأطراف، تنميلا شديدا، ولا يقدر على الحركة، وهذه حالة تمر على الإنسان بسبب جلوسه طويلاً أو تفكيره طويلاً وهذا كله وارد، فالذي خدرت رجله يعني أصابها تنميل، أو خدر من الضعف ماذا يفعل؟.
وعندما تنتاب الإنسان هذه الحالة، فليذكر الله، ويُصَلِّ على النبي الكريم، صلوات ربي وتسليمه عليه، وهذا العلاج لابد له من إيمان، ويقين بالله عز وجل وثقة بالله، وحسن ظن بالله العلي العظيم.
وهكذا فإنكم ستلاحظون -سلمكم الله وأحبكم وأعزكم - أن كُلَّ جارحةٍ موجودة في هذا الإنسان - سلّمكم الله تعالى وأحبكم - يصيبها عطل أو يصيبها عطب، والإنسان يستطيع أن يتغلب عليها بما ذكرته لك من ذكر النبي الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه الغر الميامين.

تصفح أيضا

القدوس

القدوس

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض