سمات التربية القرآنية والنبوية
1- ربانية
المصدر، وعالمية الغاية، وشمولية الأثر:
الحقيقة
الأساسية التي بينها كتاب الله – تعالى – أن الإسلام هو الدين الحق، وأن الرسول
الكريم – صلى الله عليه وسلم – لم يبتدع شيئًا، وقد اختار الله للإنسان الإسلام ؛
ليكون هو الدين والشريعة ارتضاه له، قال الله – تعالى -: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ
اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل
عمران: 19] وقال –
تعالى -: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ
وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
والتصور
الإسلامي يقوم على أساس أن هناك ألوهية وعبودية، أي: إله يتفرد بكل خصائص
الألوهية، وعبودية، أي: يستمد وجوده وكيانه من خالقه.
وأهم ما يميز
الدين الإسلامي أنه يتميز بشمول رسالته للناس أجمعين، فالإسلام لا يفرق بين الناس
على أساس لون أو جنس، أو مركز اجتماعي، فالكل في نظره سواء، وذلك لأن الدين
الإسلامي يتيمز بالعالمية، قال الله – تعالى -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] .
وعن جابر بن عبد
الله – رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أعطيت خمسًا، لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض
مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل
لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة)) .
2- التربية
الإسلامية تستهدف الحياتين: الدنيا والآخرة:
الدين الإسلامي
دين وسط، ومعتدل فهو يجعل الإنسان يعمل بجد لآخرته، وفي الوقت نفسه لا ينسى دنياه،
فهو يعمل لآخرته كأنه يموت غدًا، ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا، فالمسلم يأخذ من
الدنيا ما أحل الله له، وفي الوقت نفسه يعطي ما أوجب الله عليه من عطاء.
والخلاصة أن
التربية الإسلامية تهيئ الإنسان لحمل الأمانة التي حمله الله إياها في حياته
الدنيا، فيحل لنفسه ما أحل الله، ويحرم على نفسه ما حرم الله، قال – تعالى -: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ
لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87] .
والإنسان دائمًا
يشعر أنه مراقب من الله – عز وجل – وهذا الشعور يجعله يتحرى الحلال، ويبتعد عن
الحرام، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم
فعل، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه))([2]).
3- تحث المسلم
على العمل بقدر طاقته:
يحض الإسلام
دائمًا ويدعو المسلم إلى العمل والجد بقدر طاقته مع إخلاص النية، والأحاديث
النبوية في هذا المجال كثيرة، منها ما ورد عن أنس ابن مالك – رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن قامت الساعة، وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها
فليفعل)).
ولقد كان رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – هو القدوة والمثل الأعلى ؛ فلقد شارك الصحابة في حفر
الخندق، والأنبياء كلهم كان هذا حالهم، فقد كان سيدنا داود – عليه السلام – يأكل من
عمل يده .
والعمل في
الإسلام له خصائص ثابتة أهمها أنه لا بد أن يؤسس على النية، أي: إخلاص النية لله –
سبحانه وتعالى - والخاصية الثانية: الأخذ بالأسباب التي تنجز العمل، وعلى رأسها
الأخذ بالعلم والتقنية، والخاصية الثالثة: استفراغ كل الطاقة في أداء العمل، فعلى
المسلم أن يوظف كل إمكانياته العقلية والبدنية في خدمة المجتمع .
سابعًا: يقوم المنهج القرآني النبوي على إبراز قيمة العلم الذي هو أساس التربية، وأهم خصائص العلم وفق التوجيه الإسلامي